رضي الله عنها: انها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان فيه خروجا من خلاف العلماء في نجاسته * (فرع) قد ذكرنا أن المنى طاهر عندنا وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود وابن المنذر وهو أصح الروايتين عن أحمد وحكاه العبدري وغيره عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم وقال الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابه نجس لكن عند أبي حنيفة يجزى فركه يابسا وأوجب الأوزاعي ومالك غسله يابسا ورطبا واحتج لمن قال بنجاسته بحديث عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يغسل المنى) رواه مسلم وفى رواية (كنت اغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه البخاري ومسلم وفى رواية لمسلم أنها قالت لرجل أصاب ثوب منى فغسله كله (إنما كان يجزيك أن رأيته ان تغسل مكانه فإن لم تره نضحت حوله لقدر رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه) وذكروا أحاديث كثيرة ضعيفة منها حديث عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يأمر بحت المنى) قالوا وقياسا على البول والحيض ولأنه يخرج من مخرج البول ولان المذي جزء من المنى لان الشهوة تحلل كل واحد منهما فاشتركا في النجاسة واحتج أصحابنا بحديث فركه ولو كان نجسا لم يكف فركه كالدم والمذي وغيرهما وهذا القدر كاف وهو الذي اعتمدته أنا في طهارته وقد أكثر أصحابنا من الاستدلال بأحاديث ضعيفة ولا حاجة إليها وعلى هذا إنما فركه تنزها واستحبابا وكذا غسله كان للتنزه والاستحباب وهذا الذي ذكرناه متعين أو كالمتعين للجمع بين الأحاديث وأما قول عائشة (إنما كان يجزيك) فهو وإن كان ظاهره الوجوب فجوابه من وجهين أحدهما حمله على الاستحباب لأنها احتجت بالفرك فلو وجب الغسل لكان كلامها حجة عليها لا لها وإنما أرادت الانكار عليه في غسل كل الثوب فقالت غسل كل الثوب بدعة منكرة وإنما يجزيك في تحصيل الأفضل والأكمل كذا وكذا وذكر أصحابنا أقيسة ومناسبات كثيرة غير طائلة ولا نرتضيها ولا نستحل
(٥٥٤)