الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم (الوضوء من كل دم سائل) وعن سلمان قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم وقد سال من أنفى دم فقال (أحدث لذلك وضوءا) وعن ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على ما بقي من صلاته) ولأنه نجس خرج إلى محل يلحقه حكم التطهير فنقض كالبول * واحتج أصحابنا بحديث أنس المذكور في الكتاب لكنه ضعيف كما سبق وأجود منه حديث جابر (أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرسا المسلمين ليلة في غزوة ذات الرقاع فقام أحدهما يصلى فجاء رجل من الكفار فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه ثم رماه بآخر ثم بثالث ثم ركع وسجد ودماؤه تجري) رواه أبو داود في سننه باسناد حسن واحتج به أبو داود وموضع الدلالة انه خرج دماء كثيرة واستمر في الصلاة ولو نقض الدم لما جاز بعده الركوع والسجود واتمام الصلاة وعلم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم ينكره وهذا محمول على أن تلك الدماء لم يكن يمس ثيابه منها الا قليل يعفى عن مثله هكذا قاله أصحابنا ولا بد منه * وأنكر الخطابي على من يستدل بهذا الحديث مع سيلان الدماء على ثيابه وبدنه ويجاب عنه بما ذكرنا * واحتجوا أيضا بما رواه البيهقي عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم في ترك الوضوء من ذلك ولان مالا يبطل قليله لا يبطل كثيره كالجشاء وهذا قياس الشافعي وأحسن ما اعتقده في المسألة أن الأصل أن لأنقض حتى يثبت بالشرع ولم يثبت والقياس ممتنع في هذا الباب لأن علة النقض غير معقولة * وأما الجواب عن احتجاجهم بحديث أبي الدرداء فمن أوجه أحسنها انه ضعيف مضطرب قاله البيهقي وغيره من الحفاظ * والثاني لو صح لحمل على ما تغسل به النجاسة وهذا جواب البيهقي وغيره * والثالث أنه يحتمل الوضوء لا بسبب القئ فليس فيه أنه توضأ من القئ والجواب عن حديث ابن جريج من أوجه أحسنها أنه ضعيف باتفاق الحفاظ وضعفه من وجهين أحدهما أن رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وابن جريج حجازي ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز ضعيفة عند أهل الحديث والثاني أنه مرسل قال الحفاظ المحفوظ في هذا انه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ممن قال ذلك الشافعي وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى الذهلي وعبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه وأبو زرعة وأبو أحمد ابن عدي والدارقطني والبيهقي وغيرهم وقد بين الدارقطني والبيهقي ذلك أحسن بيان
(٥٥)