بين رجلين خلف في حساب فحضرا بين يدي شاهدين وقالا لهما: قد حضرنا لنتصادق فلا تحفظا علينا ما يقر به كل واحد منا لصاحبه، ثم حصل من كل واحد منهما إقرار لصاحبه بالدين صارا شاهدين ولا يلتفت إلى تلك المواعدة لأن الشاهد بالحق من علم به فمتى علم به صار شاهدا.
فأما شهادة المختبئ فمقبولة عندنا وهو إذا كان على رجل دين يعترف به سرا ويجحده جهرا فاحتال صاحب الدين فخبأ له شاهدين يسمعانه ولا يراهما ثم جاراه واعترف به وسمعاه وشهدا به صحت الشهادة عندنا وخالف في ذلك شريح فقط.
ويعتبر في شهادة النساء الإيمان والستر والعفاف وطاعة الأزواج فيما أوجب الله تعالى عليهن طاعته وترك البذاء - بالذال المعجمة وهو قول الفحش - والتبرج إلى أندية الرجال إلا لحاجة ضرورية.
ولا يجوز قبول شهادة الظنين والمتهم وقد قلنا: أن الظنين هو المتهم وإن كان اللفظ مختلفا والمعنى واحدا، هذا في كلام العرب والقرآن كثير. والظنين هو المتهم بالزور والخيانة.
ولا شهادة الخصم والخائن وقال شيخنا في نهايته: والأجير، وهذا خبر واحد لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه بل شهادة الأجير مقبولة سواء كانت على من استأجره أو له وسواء فارقه أو لم يفارقه لأن أصول المذهب تقتضي قبول هذه الشهادة وهو قوله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم، وقوله: وأشهدوا ذوي عدل منكم، ولا مانع يمنع من قبول شهادته وهذا عدل فينبغي أن تقبل شهادته ولأنه لا يجر بشهادته إليه نفعا ولا يدفع عنها ضررا ولا يعرف بشئ من أسباب الفسق ولا دليل على رد شهادته من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع.
ولا تقبل شهادة الفساق إلا على أنفسهم وهذا إقرار لا شهادة وإنما أوردته على ما وجدته في مصنفات أصحابنا.
ولا تقبل شهادة ماجن المجون ألا يبالي الانسان ما صنع وقد مجن بالفتح يمجن مجونا ومجانة فهو ماجن هكذا ذكره الجوهري في كتاب الصحاح.