والعداوة ضربان: دينية ودنياوية. فالدينية لا ترد بها الشهادة مثل عداوة المسلم للمشركين لا ترد بها شهادتهم لأنها عداوة في الدين وهي طاعة وقربة فهي واجبة، وهكذا عداوة الكفار للمسلمين لا ترد شهادتهم بها لو كانت وحدها وإنما ترد لفسقهم وكفرهم لا للعداوة أ لا ترى إنما ترد شهادتهم بعضهم على بعض ولبعض وإن لم يكن هناك عداوة، وهكذا شهادة أهل الحق لأهل الأهواء الباطلة تقبل لأنهم يعادونهم في الدين. فأما العداوة الدنياوية فإنه ترد بها الشهادة مثل أن يقذف رجل رجلا ثم يشهد المقذوف على القاذف ويدعي أن فلانا قطع عليه وعلى رفيقه الطريق ثم يشهد عليه فإن شهادته لا تقبل، وهكذا إذا شهد الزوج على زوجته بعد قذفها بالزنى فإن شهادته لا تقبل وما أشبه ذلك من المواضع التي يعلم بحكم العادة أنه يحصل فيها تهمة الشاهد.
فأما شهادة العدو لعدوه فإنها تقبل لأن التهمة معدومة.
من كان الغالب من حاله السلامة والغلط منه نادر قبلت شهادته، وإن كان الغالب الغلط والغفلة والسلامة نادرة لم تقبل لأنا لو قلنا ذلك أدى إلى قبول شهادة المغفلين، ولو لم تقبل إلا ممن لا يغلط أدى إلى أن لا تقبل شهادة أحد لأن أحدا لا يخلو من ذلك فاعتبرنا الأغلب.
كل من خالف الحق لا تقبل شهادته على ما بيناه، فأما من يختلف من أصحابنا المعتقدين للحق في شئ من الفروع التي لا دليل عليها موجبا للعلم فإنا لا نرد شهادتهم بل نقبلها إلا أن يكون على ذلك دليل ظاهر قاطع من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع ويخالف فيه ويعاند ويكابر فإنه ترد شهادته، هكذا ذكر شيخنا أبو جعفر في مبسوطه وهو الحق والصواب لأنه فسق ظاهر وخلاف الأدلة.
الغناء من الصوت ممدود ومن المال مقصور فإذا ثبت هذا فالغناء عندنا محرم يفسق فاعله وترد شهادته، فأما ثمن المغنيات فليس بحرام إجماعا لأنها تصلح لغير الغناء.
إذا سمع الشاهد رجلا يقر بدين فيقول: لفلان على ألف درهم، صار السامع به شاهدا بالدين سواء قال المقر: اشهدوا علي بذلك، أو لم يقل. وكذلك إذا شاهد رجلين تعاقدا عقدا كالبيع والصلح والإجارة والنكاح وغير ذلك وسمع كلام العقد صار شاهدا بذلك، وكذلك الأفعال كالغصب والقتل والإتلاف يصير به شاهدا، وكذلك إذا كان