وعن النبي ص أنه قال: من أعان غارما أو غازيا أو مكاتبا في كتابته أظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فإذا كانت المكاتبة جائزة كما ذكرناه فكاتب انسان مملوكه ذكرا كان أو أنثى على مبلغ معين من المال يؤديه إليه في نجوم معلومة كان جائزا، وهي ضربان:
أحدهما مطلق والآخر مشروط، فأما المطلق فهو أن يكاتب عبده أو أمته على مال معين في نجوم معلومة ولا يشرط عليه أنه متى عجز كان ردا في الرق، والمشروط هو أن يشرط على عبده أو أمته في حال المكاتبة أنه إن عجز عن أداء ذلك كان ردا في الرق وله جميع ما أخذ منه.
فإذا كاتب انسان مملوكه مكاتبة مطلقة على ما بيناه وأدى شيئا من مكاتبته انعتق منه بحساب ذلك ولم يكن لسيده عليه سبيل، فإن مات المكاتب وترك مالا وولدا ورث سيده منه بمقدار ما بقي له من العبودية وكان الباقي لولده إذا كانوا أحرارا، فإن كان المكاتب قد رزق ولدا بعد المكاتبة من مملوكة له كان حكم ولده كحكمه في أنه يسترق مولى أبيه منه بقدر ما بقي على الأب، فإن أدى الابن ما كان بقي على أبيه صار حرا ولم يكن لسيده عليه سبيل، فإن لم يكن له مال استسعاه سيد أبيه مما بقي على الأب فإذا أدى ذلك صار حرا، وإذا أدى هذا المكاتب بعض مكاتبته كان ممن يرث ويورث بحساب ما عتق منه ويمنع الميراث بقدر ما بقي من الرق، وكذلك إذا أوصى له كانت الوصية ماضية بقدر ما تحرر منه ويمنع بقدر ما بقي من رقه.
وإذا كان المكاتب عليه مشروطا على ما تقدم ذكره وعجز عن أداء ثمنه، وحد عجزه أن يؤخر نجما إلى نجم أو يعلم من حاله أنه لا يقدر على فك رقبته كان ردا في الرق، وإن كان قد أدى شيئا من مكاتبته كان لسيده، ويستحب لسيده إذا عجز بتأخيره نجما إلى نجم أن لا يرده إلى الرق بل يصبر حتى يوفيه.
وإذا مات هذا المكاتب وخلف مالا وولدا كان ما خلفه لسيده وكان ولده مملوكا له، وليس يجوز لهذا المكاتب التصرف في نفسه بتزويج ولا هبة مال ولا بعتق ما دام يبقى عليه شئ من مكاتبته، وإنما يجوز له التصرف في ماله بالبيع والشراء إذا أذن له سيده في