وإذا دبر مملوكه على ما ذكرناه فهو مملوك ما دام السيد حيا وللسيد الرجوع في تدبيره وبيعه وهبته وغير ذلك أو يجعله صداقا، والتدبير جار مجرى الوصية فإن بدا له تغييرها قبل موته بطل منها ما رجع فيه، وإن تركها حتى مات كانت ماضية من الثلث، فإن مات السيد ولم يرجع عن التدبير كان من الثلث، فإن زاد عليه استسعى المدبر في ما يبقى، فإن نقص عن ذلك كان معتقا.
ويستحب لمن دبر مملوكه أن يشهد على تدبيره له وكذلك إن رجع في تدبيره وليس ذلك بواجب عليه، ويجوز لسيد المدبر أن يبيع خدمته، وإذا ثبت على تدبيره ولم يرجع عنه فيشتري المشتري كذلك، فيخدمه أيام حياته الذي دبره، فإذا مات عتق من الثلث.
وإذا كان له جارية مدبرة جاز له وطؤها، وولد المدبرة الذي تأتي به في حال كونها مدبرة كهيئتها ويجرون مجراها يعتقون بعتقها، ويكونون رقا برقها ما تمادى السيد في التدبير، وله أن يرجع عن تدبيرها دونهم، ولا يجوز له نقض تدبير الأولاد وإنما له نقض تدبير الأم دونهم، وإذا اشترى المدبر جارية بإذن سيده فولدت منه أولادا ثم مات المدبر قبل سيده كان ما خلفه من مال ومتاع وأم ولده لسيده، فإذا مات السيد انعتق الأولاد بعد ذلك.
وإذا دبر ما في بطن أمته دون الأم ثم مات كان الولد مدبرا إذا وضعته قبل أن يمضى ستة أشهر من وقت التدبير، فإذا وضعته بعد أن يمضى ستة أشهر لم يجبر الورثة على عتقه، ويستحب لهم أن لا يبطلوا العتق عما وضعته الأمة إلا إذا جاوز تسعة أشهر، وإذا باع السيد أمته التي دبر ما في بطنها من غير أن يستثني ولدها كان بيعه لها رجوعا عن تدبير ما في بطنها.
وإذا دبر أمته وهو لا يعلم أنها حامل ولم يذكر في تدبيره ما في بطنها كان التدبير لهما، وكذلك إن حدث الحمل بعد التدبير كانا جميعا مدبرين ويعتقان معا من الثلث، فإن كان قيمتهما أكثر من الثلث ولم يجز الورثة ذلك سعيا في الزيادة، ويجوز له تدبير حصته من مملوكه، فإن مات الذي دبر حصته في مملوك كان بمنزلة الذي يعتق الحصة في العبد.