يدل على بقاء الملك. وكذلك أجمعوا على أن قاتلها لا تجب عليه الدية وإنما تجب عليه قيمتها.
فإن قالوا: بقاء الملك لا يدل على جواز البيع بل لا يمتنع أن يبقى الملك وهو ناقص كملك الشئ المرهون هو باق للراهن وإن لم يجز بيعه؟
قلنا: إذا سلمتم بقاء الملك فبقاؤه يقتضي استمرار أحكامه، وإذا ادعيتم فيه النقصان طولبتم بالدلالة ولن تجدوها، على أنا لو سلمنا نقصان الملك تبرعا لجاز أن نحمله على أنه لا يجوز بيعها مع بقاء ولدها، وهذا ضرب من النقصان في الملك.
ويدل أيضا على ذلك قوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، وقد علمنا أن للمولى أن يطأ أم ولده وإنما يطأها بملك اليمين لأنه لا عقد هاهنا، وإذا جاز أن يطأها بالملك جاز له أن يبيعها كما جاز مثل ذلك في سائر جواريه. ومما يشهد لما ذكرناه أن بيع أمهات الأولاد كان مستعملا في حياة النبي ص متعارفا وطول أيام أبي بكر حتى نهى عمر عن ذلك فامتنع منه اتباعا له، وإنما نهى عن ذلك لمصلحة زعم أنه رآها، كنهيه عن متعة الحج وإلزامه المطلق ثلاثا بلفظ واحد تحريم زوجته عليه وإغرامه أنس بن مالك وديعة هلكت من ماله إلى مسائل كثيرة خالف فيها جميع الأمة، وما الخلاف عليه في بيع أمها الأولاد إلا كالخلاف عليه في سائر المسائل التي ذكرنا بعضها.
ومما يقوى أن نهي عمر عن بيع أمهات الأولاد كان لرأي اختاره هو ما روي عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: جاء شاب إلى عمر فقال: إن أمي اشتراها عمي فهو يعقلها وينظرها وأنا ضاربه ضربة أدخل منها النار، قال عمر: هذا فساد، فرأى يومئذ أن يعتقن فلو لم يكن بيع أم الولد جائزا لكان عمر يفسخ شراء عم الغلام للجارية ويردها إلى أبي الغلام.
ومما يمكن إيراده على سبيل المعارضة فإنه وارد من طريق الآحاد التي لا يجوز الاحتجاج بها فيما طريقه العلم، وإنما يصح لأصحابنا أن يعارضوا بها لأن خصومنا يرون العمل بأخبار الآحاد ما رواه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني قال: حدثنا عبد الله بن محمد النوفلي، قال: حدثنا محمد بن سلم عن محمد بن إسحاق عن خطاب ابن صالح مولى الأنصار عن أمه عن سلامة بنت معقل قالت: قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من