مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: أنه لا يجوز أن يكاتب العبد الكافر وأجاز باقي الفقهاء في ذلك. وقد دللنا على نظير هذه المسألة في مسائل العتق والتدبير، وما دللنا به هناك هو دليل في هذا الموضع.
ويمكن أن يستدل على ذلك أيضا بقوله تعالى: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، فلا يخلو المراد بالخير أن يكون المال أو الصناعة وحسن التكسب على ما قاله الفقهاء أو المراد به الخير الذي هو الدين والإيمان، ولا يجوز أن يراد بذلك المال ولا التكسب لأنه لا يسمى الكافر والمرتد إذا كانا مثريين أو متكسبين خيرين، ولا أن فيهما خيرا ويسمى ذو الإيمان والدين خيرا وإن لم يكن موسرا ولا متكسبا، فالحمل على ما ذكرناه أولى، ولو تساوت المعاني في الاحتمال لوجب الحمل على الجميع.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن المكاتب إذا شرط على مكاتبه: أنك متى بقي عليك من مال مكاتبتي شئ رجعت رقا، كان هذا الشرط صحيحا ماضيا، وإن اشترط عليه أنه متى أدى بعضا وبقي بعضا عتق منه بقدر ما أدى وبقي رقيقا بقدر ما بقي عليه كان ذلك أيضا جائزا وإن لم يشترطه شيئا من ذلك وأطلق الكتابة وأدى المكاتب البعض وبقي البعض كان رقيقا بقدر ما بقي عليه وحرا بقدر أدائه.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك فقال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى وابن شبرمة والبستي ومالك والشافعي والأوزاعي والليث بن سعد: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم لا يعتق إلا بجميع الكتابة، وروي عن الثوري أنه قال: إذا أدى المكاتب النصف أو الثلث من مكاتبته فأحب إلى ألا يرد إلى الرق.
وروي عن الشعبي أنه قال: كان عبد الله وشريح يقولان في المكاتب إذا أدى الثلث فهو غريم.
وروي عن عبد الله بن مسعود أيضا أنه إذا أدى المكاتب قيمة رقبته فهو غريم. والذي