يدل على صحة مذهبنا إجماع الطائفة، وإن شئت أن تقول كل من قال إن عتق الكافر لا يصح ولا يقع يقول بما ذكرناه في هذه المسألة، فالتفرقة بين المسألتين خلاف إجماع الأمة.
وقد دللنا على أن عتق الكافر لا يصح ولا يقع، ويمكن أن يعتمد أيضا على أن الكتابة عقد يتعلق بالشرط الذي يرتضيان به فيجب أن يكون بحسب ما يشترطان ويتراضيان عليه، وإذا أطلق الكتابة وجعل الرقبة بإزاء المال فكل ما نقص عن المال يجب نقصانه من الرقبة.
مسألة: في بيع أمهات الأولاد:
ومما انفردت به الإمامية القول: بجواز بيع أمهات الأولاد بعد وفاة أولا دهن ولا يجوز بيع أم الولد وولدها حي. وهذا هو موضع الانفراد، فإن من يوافق الإمامية في جواز بيع أمهات الأولاد يخالفها في التفصيل الذي ذكرناه.
وقد روت العامة وحكى أصحاب الخلاف القول بجواز بيع أم الولد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن الزبير والوليد بن عقبة وسويد بن غفلة وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن سيرين وابن الزبير وعبد الملك ابن يعلى وهو قول أهل الظاهر، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ومنعوا من بيعهن.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة عليه قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا وهذا عام في أمهات الأولاد وغيرهن.
فإن قيل: قد أجمعنا على أن قوله تعالى: وأحل الله البيع، مشروط بالملك فإن بيع ما لا يملكه لا يجوز.
قلنا: الملك باق في أم الولد بلا خلاف، لأن وطأها مباح له ولا وجه لإباحته إلا ملك اليمين.
ويدل أيضا على ذلك أنه لا خلاف في جواز عتقها بعد الولد ولو لم يكن الملك باقيا لما جاز العتق، وكذلك يجوز مكاتبتها وأن يأخذ سيدها ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها، وهذا