ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده، فجاهدوا أمر بالغزو ومجاهدة النفس فيه وفي كل طاعة وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر.
وقوله تعالى " في الله " أي في ذات الله ومن أجله تعالى.
فإن قيل: ما وجه إضافة قوله تعالى " حق جهاده " فالقياس حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه؟
قلنا: الإضافة تكون بأدنى ملابسة وأقل اختصاص، فلما كان الجهاد مختصا بالله من حيث أنه مفعول لوجهه ومن أجله صحت الإضافة إليه، ويجوز أن يتبع في الظرف.
وكذلك خاطب المؤمنين فقال: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، أمرهم بالجهاد وبقتال المقاتلين دون النساء، وقيل: الآية منسوخة بقوله تعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وبقوله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، لأنه أوجب في هذه الآية علينا قتال المشركين وإن لم يقاتلونا، و " الذين يقاتلونكم " الذين يناجزونكم القتال دون المحاجزين، وعلى هذا يكون منسوخا بقوله تعالى: وقاتلوا المشركين كافة. وعن الربيع بن أنيس: هي أول آية نزلت في القتال بالمدينة وكان رسول الله ص يقاتل من قاتل ويكف عمن كف.
وقيل: هم الذين يناصبونكم القتال دون من ليس من أهل المناصبة من الشيوخ والصبيان والرهبان والنساء أو الكفرة كلهم لأنهم جميعا مضادون للمسلمين قاصدون لمقاتلتهم فهم في حكم المقاتلة قاتلوا أو لم يقاتلوا. وقال ابن عباس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز: الآية غير منسوخة، وهو الأقوى لأنه لا دليل على كونها منسوخة، ووجه الآية أنه أمر بقتال المقاتلة دون النساء.
وقيل: إن قوله: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، أمر بقتال أهل مكة لأن المشركين لما صدوا رسول الله ع عام الحديبية وصالحوه على أن يرجع من قاتل فيخلوا له مكة ثلاثة أيام فرجع، فخاف المسلمون أن لا تفي لهم قريش بل يقاتلونهم في الشهر الحرام وكرهوا ذلك فنزلت. والأولى حمل الآية على عمومها إلا ما أخرجه الدليل.
فالجهاد ركن من أركان الاسلام إذا قام به من في قيامه غناء عن الباقين سقط عن