فيهما مفسدة.
واعتبرنا العلم لأن الحمل على ما يجوز الحامل كونه قبيحا والمنع مما لا يقطع على قبحه بالقهر قبيح لا يحسن على حال فضلا عن وجوبه، ولا سبيل إلى القطع على الحسن والقبح إلا بالعلم.
واعتبرنا قوة الظن بما يتوقع دون الماضي لأن الغرض بهذا التكليف وقوع الواجب وارتفاع القبيح والماضي لا يتقدر هذا فيه، والتجويز لو كفى في الإيجاب لوجب الانكار على كل من لا تعلم عصمته من أبرار الأمة وعبادها لتجويز وقوع القبيح منهم وذلك فاسد.
واعتبرنا التمكن لقبح التكليف من دونه عقلا وسمعا.
واقتصرنا في الإيجاب على التجويز دون غلبة الظن بالتأثير لأن أدلة إيجاب الأمر والنهي مطلقة غير مشترطة بظن التأثير وإثباته شرطا يقتضي إثبات ما لا دليل عليه ويؤدى إلى تقييد مطلق الوجوب بغير حجة، وأيضا فقد علمنا وجوب الجهاد مع قوة الظن بأن المجاهد لا يؤمن ومع حصول العلم بذلك يبطل اعتبار الظن في الوجوب.
إن قيل: إذا كان الغرض بالأمر والنهي حصول التأثير فينبغي إذا غلب الظن بعدمه أن يقبحا لكون ذلك عبثا ولهذا يقبح منا الانكار على أهل الماصر ما يؤتونه فيه من أخذ الأعشار.
قيل: المقصود في هذا التكليف مصلحة من وجب عليه والتأثير تابع فجاز وجوبه وإن علم انتفاء التأثير كسائر المصالح، وبعد يحس تكليف من علم حاله سبحانه وعلمنا أو ظننا أنه لا يختار ما كلفه ظاهرا وهو مانع من اعتبارهم وقوف الحسن علي التأثير، وأيضا فجهاد الكفار واجب مع الإمكان وحصول العلم تارة والظن أخرى بعدم تأثيره الإيمان، واتفاق الكل على وجوب الانكار على " أبي لهب " مع العلم بأنه لا يؤمن وعلى كثير من الكفار المعلوم أو المظنون كونهم ممن لا يختار الإيمان وذلك يبطل ما ظنوه، وأما أصحاب الماصر فإنما قبح الانكار عليهم في كثير من الأحوال لحصول الخوف من ضررهم أو استهزائهم بالمنكر وذلك قبيح يحصل عند الانكار لولاه لم يحصل، ولا شبهة في سقوط