ولا أرمي شهرا أو لا أرمي أبدا لم يجز ذلك لأنه شرط ما ندب ورغب فيه فإن قال: إن نضلتني فلك دينار حال وقفيز من بر بعد شهر صح ذلك، فإن قال: إن نضلتني كان ذلك على عشرة وتعطيني قفيزا من بر لم يجز ذلك، إذ من حق الناضل أن يأخذ ولا يعطي، فإذا اشترط ذلك فقد شرط على الناضل أن يعطيه وذلك فاسد، فإن قال: إن نضلتني فلك عشرة إلا أربعا كان صحيحا لأن قوله: إلا أربعا، استثناء معلوم من جملة معلومة، فإن قال: إن نضلتني فلك عشرة إلا قفيزا من بر كان ذلك فاسدا لأن قيمة القفيز مجهولة وإذا حذفت من المعلوم كان مجموعه مجهولا فلم يجز النضال.
فإن سبق أحد المتناضلين الآخر وشرط أن يطعم السبق أصحابه كانت المناضلة صحيحة وكان مخيرا في أخذه وإطعامه، وإذا خرج أحد المتناضلين السبق كان له أن يبتدئ بالرمي، وقال بعض الناس: ليس له ذلك إلا أن يشترطه، فإن شرطه كان جائزا وهذا هو الأقوى لأن من النضال أن لا يكون للسبق مزية على الآخر وإن كان هو المخرج للعوض.
وينبغي أن لا يقتصر أهل النضال على هدف واحد بل يرتبوا لهم هدفين يبدؤون بالرمي من أحدهما ويمشون على الآخر، فإذا وصلوا إليه وقفوا عنده ورموا منه إلى الذي بدؤوا بالرمي منه، فإذا بدأ واحد بالرمي من الهدف الأول فليس له أن يبتدئ بالرمي من الآخر بل يبدأ غيره لأن موضع المناضلة على المساواة بين أهلها.
واعلم أن من عادة الرماة أن يرمي المتناضلان سهما وسهما حتى ينفد الرشق فينبغي أن يكون رميهما كذلك، فإن شرطا من عشرة وعشرة رشقا ورشقا كان ذلك جائزا وقد ذكرنا فيما تقدم أنه ليس لأحدهما إذا بدأ بالرمي أن يقطعه إلا لعذر واضح، فإن حصل هذا العذر ورمى فأخطأ لم يعد عليه بذلك من الخطأ لأن الخطأ ما كان لسوء منه وإن أصاب وحاله ما ذكرناه لم يعد له بذلك.
وقد ذكرنا فيما تقدم الفرق بين الخاسق والخارق، فإذا شرط الإصابة خواسق ورمى فأصاب الغرض وثقبه وثبت فيه نصله حسب خاسقا لأن صفته قد حصلت وهي