الفجر كان مشهودا، يعني تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار وهي مكتوب في ديوان الليل وديوان النهار، ولأنها لا تجمع مع غيرها كما تقدم، فهي منفردة بين مجتمعتين، فقد جمع النبي ع بين الظهر والعصر بعرفة وجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، فصلاة الظهر متآخية لصلاة العصر وكذا المغرب للعشاء وصلاة الغداة منفردة.
ويستحب الجمع في هذين الموضعين - يعني عرفة والمشعر - على الرجال والنساء في أي يوم كان من الأسبوع، وفي أية ليلة كانت سوى ليلة الجمعة أو غيرها من الليالي، ولا يستحب الجمع في غيرهما من المواضع بل هو رخصة سواء كان في الحضر أو السفر إلا في يوم الجمعة فإنه يستحب فيه الجمع بين الظهر والعصر لا غير في كل بقعة وعلى كل حال، ويلزم النساء خاصة الجمع بين الظهر والعصر والجمع بين المغرب والعشاء الآخرة في بعض وجوه استحاضتهن.
فصل:
ثم قال تعالى في آخر الآية: وقوموا لله قانتين، أي داعين، والقنوت هو الدعاء في الصلاة في حال القيام وهو المروي عنهما ع، وقيل ساكتين لأنهم نهوا بذلك عن الكلام في الصلاة، وقيل خاشعين فنهوا عن العبث والالتفات في الصلاة، فالالتفات فيها إلى خلف محظور وإلى ما سواه من الجوانب مكروه، والأصل في القنوت الإتيان بالدعاء وغيره من العبادات في حال القيام، ويجوز أن يطلق في سائر الطاعات فإنه وإن لم يكن فيه القيام الحقيقي فإن فيه القيام بالعبادة.
واستدل الشافعي على أنها هي الغداة بقوله: وقوموا لله قانتين، بمعنى وقوموا فيها لله قانتين، وهذا في جميع الصلوات عندنا.
والقنوت جهرا في كل صلاة، وعن زيد بن ثابت أن النبي ع كان يصلى بالهاجرة وكانت أثقل الصلوات على أصحابه فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، فقال: لقد هممت أن أحرق على قوم لا يشهدون الصلاة بيوتهم، فنزل قوله: حافظوا على الصلوات.