أو تعبديا فوجه المنع من أخذ الأجرة عليه هو أن أخذ الأجرة إنما يصح حال كونه مالكا لما يعطيه في مقابل الأجر، فلا مانع من أن يملك الانسان ما يملكه عينا أو عملا ويأخذ العوض، ولذا لا يجوز له أن يؤجر نفسه لثالث في ذلك الزمان المعين أو العمل المعين، وأما إذا كان العمل واجبا عليه شرعا ولا يجوز له تركه فإنه لا يملك ذاك العمل بل عليه اتيانه وتسليمه لله، وحيث لا يملكه بل كان ملكا لله سبحانه فلا قدرة له على أن يملكه الغير سواء كان تعبديا أو توصليا، وأضاف في الجواهر بأنه لو أخذ عوضا عنه لزم الجمع بين العوض والمعوض، لكن الأولى أن يقال: بأنه عوض بلا معوض فهو آكل للمال بالباطل.
وفي الواجب الكفائي صرح الأكثر بأنه لو تعين بالانحصار لم يجز أخذ الأجرة عليه وإلا جاز لقدرته على الترك، لكن الواجب الكفائي - عندنا - يتعلق بالمكلفين، أي بكل واحد منهم كالواجب العيني سواء كان عباديا أو لا، والفرق بينهما حينئذ أن العيني لا يسقط بقيام الغير به بخلاف الكفائي فإنه يسقط بقيام الغير به بحكم العقل، وعليه فقبل قيام أحد المكلفين بالواجب لا يملك أحد منهم العمل فلا يجوز له أخذ الأجرة عليه لكونه أكلا للمال بالباطل، فظهر أنه لا فرق بين الواجب الكفائي المتعين وغيره في عدم جواز أخذ الأجرة.
وذهب جماعة من الأصحاب إلى جواز أخذ الأجرة وقالوا في وجه الجواز: بأن هذه الأعمال صالحة لأن تقع عليها المعاملة - بقطع النظر عن الوجوب - لأن لها مالية ويبذل بإزائها المال