وروى الشيخ الصدوق " قده " أيضا عن سيدنا أبي الحسن الرضا عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين في تفسير قوله تعالى:
أ كالون للسحت.. قال: " هو الرجل يقضي لأخيه حاجته ثم يقبل هديته " 1).
ويمكن أن يقال - ولا سيما بالنظر إلى هذين الخبرين - أنه ولو فرض كون الرشوة في الحكم فقط، فإن كون الرجل منصوبا - شرعا أو عرفا - لرفع الظلم عن الناس وقضاء حوائجهم يقتضي وجوب ذلك عليه وأن مطالبته أو أخذه شيئا في مقابل عمله سحت.
وبالجملة فإن الرشوة في الأحكام لابطال الحق مقطوع بحرمتها والظاهر أنها كذلك في مطق الحكم إن كان البذل بعنوان الرشوة سواء أثر في كيفية الحكم أو لم يؤثر، وأما في غير الأحكام فالمستفاد من الخبرين المذكورين حرمة الأخذ على من كان موظفا بالقيام بالواجبات الموضوعة على عاتقه.
ثم إنه لا فرق في " الرشوة " بين المال المبذول له وبين العمل النافع الذي يعمله له كخياطة ثوب مثلا أو انجاز غرض له كأن يبيعه داره ولو بالثمن المتعارف، أي بأن يقدمه على غيره في المعاملة، وهل هذه المعاملة باطلة حينئذ؟ قيل: لا لأنه نظير البيع عند النداء وقيل: نعم لأن الحكم الوضعي هذا مترتب على الحكم التكليفي، فلما كانت الرشوة محرمة وكانت هذه المعاملة مصداقا لها كانت باطلة.