وهو يعلم فهو في الجنة " 1).
فهل المراد من العلم 2) في هذا الخبر ونحوه الاجتهاد المطلق أو يعم المتجزي وعلم المقلد الذي يحكم بفتوى مقلده أو ناصبه أيضا؟
١) وسائل الشيعة: ١٨ / 11.
2) البحث في هذا الشرط في جهات نذكرها باختصار ونقتصر على الأقوال وبيان الخلاف فيها:
الجهة الأولى: إنه لا ريب ولا خلاف في اشتراط العلم في القاضي، فلا ينعقد القضاء للجاهل ولا ينفذ حكمه، ويدل عليه - قبل الاجماع - الكتاب والنصوص المستفيضة بل المتواترة من السنة الشريفة، وقد عقد في الوسائل " باب عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم بورود الحكم عن المعصومين عليهم السلام ".
ومن أخباره ما ذكر في المتن، وما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: " من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه ".
والثانية: قال أكثر الأصحاب بأنه يشترط في هذا العالم أن يكون مستقلا بأهلية الفتوى، قال المحقق: " ولا ينعقد لغير العالم المستقل لأهلية الفتوى ولا يكفيه فتوى العلماء، ولا بد أن يكون عالما بجميع ما وليه " وقال العلامة قي القواعد: " فلا ينعقد قضاء.. الجاهل بالأحكام ولا غير المستقل بشرائط الفتوى ولا يكتفي بفتوى العلماء ويجب أن يكون عالما بجميع ما وليه " وفي المسالك: " والمراد بالعالم هنا المجتهد في الأحكام الشرعية، وعلى اشتراط ذلك في القاضي اجماع علمائنا، ولا فرق بين حالة الاختيار والاضطرار، ولا فرق فيمن نقص عن مرتبته بين المطلع على فتوى الفقهاء وغيره، والمراد بكونه عالما بجميع ما وليه كونه مجتهدا مطلقا، فلا يكفي اجتهاده في بعض الأحكام دون بعض على القول بتجزي الاجتهاد ".
وصريح كلام المسالك دعوى الاجماع على اشتراط الاجتهاد المطلق، وقد حكي الاجماع على اشتراط الاجتهاد عن جماعة وبه صرح في الرياض، ومن قبلهم الشيخ " قده " وستأتي عبارته في المتن. ومن هنا يظهر أن ما ذكره الشيخ في المبسوط بقوله: " وفي الناس من أجاز أن يكون القاضي عاميا ويستفتي العلماء ويقضي به " ليس قولا لأحد من قدماء أصحابنا.
نعم عن المحقق الأردبيلي نفي الشك عن عدم نفوذ قضاء غير المجتهد مع وجود المجتهد، واستشكل المحقق القمي في جامع الشتات الحكم باشتراط الاجتهاد على الاطلاق ولم يستبعد جواز المرافعة للعالم العادل المطلع على جميع المسائل المتعلقة بالواقعة تقليدا في حال الاضطرار، وفي الجواهر: " بل قد يقال: إن المستفاد من الكتاب والسنة صحة الحكم بالحق والعدل والقسط من كل مؤمن.. ".
والثالثة: هل يشترط في المجتهد أن يكون مجتهدا مطلقا أم يكفي التجزي؟ فيه أقوال - فالأول: ما عرفته من العبارات المزبورة في الجهة الثانية من اشتراط كونه مجتهدا مطلقا، كما قد عرفت دعوى الاجماع عليه في المسالك. والثاني: جواز المرافعة للمجتهد المتجزي مطلقا. وإليه ذهب صاحب المستند تبعا لغيره. والثالث:
التفصيل بين صورة التمكن من المرافعة عند المجتهد المطلق وصورة فقده. وهو مختار صاحب الكفاية حيث قال: " ولا يبعد القول بالاكتفاء بالتجزي عند فقد المجتهد المطلق ".