وأما بناء على أن العدالة حسن الظاهر - كما عليه جماعة - فيشهد بحسبها، كما أن الأمر بناء على أن الاسلام عدالة واضح.
وقد شبه صاحب الجواهر العدالة بناء على مذهب المحقق بالاعسار، فلو ادعى المدين الاعسار لم يقبل منه ولا يثبت الاعسار بمجرد ظاهر حاله حتى تحرم المطالبة، بل لا بد من التحقيق، فالملكة أيضا كذلك، فإن كثيرا من المعاصي لا يتظاهر بها أهلها فلا يكفي حسن الظاهر، وخالفه استنادا إلى الأخبار الكثيرة الدالة على جواز الشهادة تعويلا على حسن الظاهر.
وسيأتي في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى البحث تفصيلا عن جواز الشهادة استنادا إلى طريق من الطرق والأمارات الشرعية كاليد والبينة وعدم جوازه ووجوب العلم بالمشهود به، وملخصه: أنه لو شك مثلا في كلام لا يعلم هل هو كذب أو لا جاز التكلم به لعدم جواز التمسك بأدلة حرمة الكذب حينئذ لأنها شبهة مصداقية، وعليه تجري البراءة عن الحرمة، إلا أن يقال بالاحتياط إن كان ذلك الكلام يتعلق بما يحتاط فيه كالفروج والدماء، وأما الاخبار عن شئ بنحو الجزم - مع الشك في تحققه - فلا يبعد كونه افتراء، فالشهادة بما لا يعلم افتراء، إذن لا بد من العلم في الشهادة، فإن لم يعلم لكن كان له طريق شرعي فهل يقوم ذلك الطريق مقام العلم في جواز الشهادة؟
الظاهر أن هذا العلم مأخوذ في الموضوع بنحو الكاشف والطريق، فتجوز الشهادة اعتمادا على الطريق الشرعي، هذا كله أصولا.