يطلبها منه، ولو قال: لا طريق لي إلى ذلك أو قال: يعسر علي أو قال: لا أفعل وطلب من الحاكم الفحص عن ذلك هل يجب عليه أو لا؟ قد يقال بوجوبه.. والأقوى عدم وجوبه عليه لمنع كون الحكم مطلقا وإلا لزم على الحاكم الفحص عن وجود الشاهد وعدمه أيضا مع أنه ليس كذلك قطعا.
أقول: ليس المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان " ترك النظر في الدعوى إذا لم يكن للمدعي بينة عادلة على دعواه، بل المعنى أنه حينئذ يقضي باليمين، نظير الصلاة حيث تجب الصلاة مع الوضوء في حال وجدان الماء وإلا وجبت مع التيمم بعد الفحص واليأس عنه في الحدود المعينة لذلك شرعا، غير أن الشارع لم يحدد وجود البينة بل أحال الأمر إلى العرف، وأهل العرف يفحصون عن حال الشاهدين في بلدهما وعشيرتهما، بل روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله أيضا، فحاصل معنى الحديث أنه إن كان هناك - مع الجهل بحال الشاهدين - طريق متعارف إلى معرفة حالهما فالفحص عن ذلك لازم، وإلا فيكون الحكم بالأيمان.. وهذا تقريب آخر لمذهب المشهور، بل يجب على الحاكم الارسال خلف الشاهدين - لو امتنع المدعي عن احضارهما - إن أمكنه ذلك، لأن الحكم واجب عليه فيجب عليه تحصيل مقدماته بحسب الامكان والمتعارف..
فالحق مع المشهور.