من الآية - لكونها في مورد الشهادة - بيان الحكم الوضعي، أي:
إن شرط قبول الحكم موقوف على كون البينة عادلة.
وعن الشيخ في الخلاف والمفيد وابن الجنيد عدم وجوب الفحص عن عدالة الشاهدين مع العلم باسلامهما، قالوا: والآيتان تدلان على قبول شهادة المسلم والتقييد المذكور غير تام لعدم حجية مفهوم الوصف، وقال تعالى: " إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا.. " 1) وهو ظاهر في أن وجوب التبين مشروط بالعلم بالفسق، فمع الشك في كونه فاسقا لا وجوب للفحص والتبين.
أقول: إنا لو سلمنا ما ذكروا بالنسبة إلى الآيتين فإن هذه الآية الثالثة الدالة على عدم قبول قول الفاسق تقيدهما، فيكون الحاصل:
استشهدوا شهيدين غير فاسقين من رجالكم، فإن أرادوا التمسك باطلاق الآيتين كان من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وحيث أن الدليل الدال على اشتراط العدالة لا يوضح معنى العدالة كان للقائل بعدم وجوب الفحص والتحقيق عن حال الشاهدين المسلمين أن يقول بأن الاسلام عدالة، لكنا نقول: لا اشكال في أن أحكام الاسلام مبنية على العدالة، وأن من كان مسلما واقعا كان عادلا لأنه يأتي بجميع الأحكام ويطيعها فعلا وتركا، فإن أرادوا من قولهم:
" الاسلام عدالة " هذا المعنى فهو صحيح، وإن أرادوا من " الاسلام " مجرد التفوه بالشهادتين، فإن أثر التفوه بالشهادتين - كما في الروايات - هو أن له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، وهذا أمر تعبدي