ادعاه ولا شئ منه. وإذا جاء بشهود لا يعرفهم بخير ولا شر قال للشهود: أين قبائلكما؟ فيصفان، أين سوقكما، فيصفان، أين منزلكما؟
فيصفان. ثم يقيم الخصوم والشهود بين يديه ثم يأمر فيكتب أسامي المدعي والمدعى عليه والشهود ويصف ما شهدوا به، ثم يدفع ذلك إلى رجل من أصحابه الخيار، ثم مثل ذلك إلى رجل آخر من خيار أصحابه، ثم يقول: ليذهب كل واحد منكما من حيث لا يشعر الآخر إلى قبائلهما وأسواقهما ومحالهما والربض الذي ينزلانه فيسأل عنهما، فيذهبان ويسألان، فإن أتوا خيرا وذكروا فضلا رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه، أحضر القوم الذي أثنوا عليهما وأحضر الشهود، فقال للقوم المثنين عليهما: هذا فلان ابن فلان، وهذا فلان ابن فلان أتعرفونهما؟ فيقولون: نعم، فيقول: إن فلانا وفلانا جاءني عنكم فيما بيننا بجميل وذكر صالح أنهما قالا، فإن قالوا: نعم، قضى حينئذ بشهادتهما على المدعى عليه، فإن رجعا بخبر سيئ وثناء قبيح دعا بهم، فيقول: أتعرفون فلانا وفلانا؟
فيقولون: نعم. فيقول: اقعدوا حتى يحضرا فيقعدون فيحضرهما فيقول للقوم: أهما هما؟ فيقولون: نعم، فإذا ثبت عنده ذلك لم يهتك سرا بشاهدين ولا عابهما ولا وبخهما، ولكن يدعو الخصوم إلى الصلح، فلا يزال بهم حتى يصطلحوا لئلا يفتضح الشهود ويستر عليهم، وكان رؤوفا رحيما عطوفا على أمته، فإن كان الشهود من أخلاط الناس غرباء لا يعرفون ولا قبيلة لهما ولا سوق ولا دار،