ولا تكليفا..
ويمكن رفع المنافاة بأنه وإن كان ظاهر العمومات كون الواقع تمام الموضوع للحكم لكن هذه الرواية تقضي باعتبار أمر آخر مع ذلك وهو كون القاضي عالما بالواقع، فيكون مجموع الأمرين هو الموجب لنفوذ الحكم وفصل الخصومة.
وأما حمل الرواية على بيان شرطية العلم في أصل القضاء، أو اثبات العقوبة على مثل هذا القاضي من جهة تجريه على القضاء بغير علم وإن كان نافذا فخلاف الظاهر.
فيكون حاصل الجمع: إن الحكم النافذ هو الحكم المطابق للواقع مع علم الحاكم بهذه المطابقة وإن كان هذا العلم جهلا مركبا في نفس الأمر، ومع شك المتخاصمين بكون الحاكم عالما بالواقع فلا ينفذ، لكن لا يشترط علمهما بالمطابقة، ومع علمهما بعدم المطابقة فيؤثر الحكم في رفع الخصومة خاصة. فظهر أن العلم بوصف الطريقية جزء لموضوع الحكم، وتقوم البينة والأيمان مقامه مع عدمه، مع الفرق بينهما من جهة أن العلم حجة بذاته ولا سبيل للجعل إليه بخلافهما.
هذا، ولكن المستفاد من طائفة من آيات الكتاب العظيم كقوله تعالى: " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " 1) وقوله تعالى: " وأن احكم بينهم بما