الثاني الاستقراء فإن الماء لا يكون بنحو الاطلاق مطهرا سواء أكان قليلا أم كثيرا إلا أن يكون طاهرا فكذا التراب الذي يكون مطهرا من الحدث لا بد من أن يكون طاهرا كتراب التيمم بل لا يكون مطهرا من الخبث إلا إذا كان طاهرا كحجر الاستنجاء.
الثالث دلالة صحيحة الأحول المتقدمة - على ذلك حيث قال السائل: الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا حيث إن الظاهر أن المراد بالمكان النظيف المكان الطاهر وهذا القيد وإن كان في كلام السائل إلا أن تقرير الإمام عليه السلام له على هذا القيد وعدم ردعه كاشف عن اعتباره.
الرابع ما استدل به في الحدائق - على ما حكى عنه - من قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا - بناء على أن المراد بالطهور الطاهر في نفسه المطهر لغيره فلا بد من أن تكون الأرض طاهرة ومطهرة حتى يصدق عليها الطهور ولكن يرد عليه أنه على فرض أن يكون المراد بالطهور الطاهر في نفسه المطهر لغيره لا تدل الرواية على اعتبار كون الأرض طاهرة فإن المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا الطاهرة من حيث الذات أي مع قطع النظر عن عروض النجاسة عليها فلا ينافيه نجاستها - لعارض والحاصل عدم استفادة اعتبار القيد الأول من قوله: طهورا هذه الأدلة مما ذكرها الأستاذ دام ظله مستدلا بها على اعتبار طهارة الأرض تبعا لمن شرط ذلك.
ويمكن الخدشة في الكل أما الارتكاز فيمكن أن يدعى أن ارتكازهم على خلاف ذلك كما لا يخفى على من راجع ارتكازهم فإنه إذا قيل لهم: إن الأرض مطهرة لباطن النعل والقدم لا يسألون عن أنه هل يعتبر طهارة الأرض أولا بل لا ينقدح في أذهانهم السؤال عن ذلك.
وأما الاستقراء فهو أيضا كسابقه إذ لا يمكن اثبات حكم من الأحكام الشرعية بالاستقراء فإن الاستقراء لا يفيد إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا مع أن مبنى الشريعة الاسلامية على جمع المختلفات وتفريق المجتمعات.
وأما صحيحة الأحول فليس فيها سوى الاشعار على ذلك وفرض المكان النظيف وغير النظيف إنما هو في كلام السائل لا في كلام الإمام عليه السلام وإنما قرره الإمام عليه السلام في مفروضه وهو المكان النظيف ومن المعلوم أن مفهوم اللقب ليس بحجة ولم ينف الإمام عليه السلام الطهارة من المكان غير النظيف مع أنه يمكن أن يكون المراد بالمكان