أبي عبد الله عليه السلام فقال: أين نزلتم فقلت: نزلنا في دار فلان فقال: إن بينكم وبين لمسجد زقاقا قذرا أو قلنا له: إن بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا فقال: لا بأس إن الأرض يطهر بعضها بعضا الحديث (1).
ويستفاد من هذه الجملة في الروايات - أعني قوله: إن الأرض يطهر بعضها بعضا - أن المراد بنفي البأس في هذه الروايات من جهة زوال النجاسة بالمشي على الأرض لا العفو عن النجاسة بواسطة الصلاة في الخف أو النعل الذي تجوز الصلاة فيه لأنه لا تتم الصلاة فيه منفردا - كما توهم - ومعنى قوله: إن الأرض تطهر الخ أن الأرض النجسة إذا تعلقت أجزائها برجل أحدا وبنعله تطهر أرض أخرى تلك النجاسة بعد زوال العين - بالمشي عليها والله العالم.
ومنها صحيحة الأحول عنه عليه السلام في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال: لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا ونحو ذلك (2).
وهذه الرواية بظاهرها منافية لاطلاق سائر الروايات لأن قيد خمسة عشر ذراعا لا يوجد في سائر الروايات إلا أن يحمل على ما إذا لم يذهب أثر النجاسة إلا بها.
ومنها صحيحة زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل وطأ على عذرة فساخت رجله فيها أينقض ذلك وضوءه وهل يجب عليه غسلها فقال: لا يغسلها إلا أن يقذرها ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلي (3).
وهذه الرواية تدل على عدم اعتبار المشي مطلقا أي ولو أقل من خمسة عشر ذراعا فلا بد من حمل صحيحة الأحول الظاهرة في التقدير - على ما ذكرناه أو على أن التقدير المذكور أحد الأفراد التي تتحقق بها الطهارة - أي طهارة الرجل والفرد الآخر تحقق مسمى المشي ولو كان خطوة أو خطوتين والفرد الآخر المسح على الأرض حتى يذهب أثر النجاسة.
ثم إنه هل تعتبر طهارة الأرض أولا - فيه وجهان بل قولان واستدل لاعتبار طهارتها بأمور.
الأول ارتكاز العرف على أن المتنجس لا يكون مطهرا فإن الفاقد للطهارة كيف يكون معطيا لها.