الدرهم فكما يحتمل دخوله في حكم الجملة الأولى - أعني حكم الدم الأقل من الدرهم - فكذا يحتمل دخوله في حكم الجملة الثانية - أعني حكم ما إذا كان أكثر من الدرهم - ولا مرجح لأحد الاحتمالين على الآخر فتكون الرواية مجملة بالنسبة إلى الدم بمقدار الدرهم ويقال أيضا إذا كان الدم بمقدار الدرهم معفوا فلم خص العفو في صدر الرواية بالدم الأقل من الدرهم فمع هذا الاجمال كيف يمكن التمسك بالرواية؟
وأما الرواية الثانية فإنها أيضا لا تخلو عن اجمال لأن قوله عليه السلام وما كان أقل من ذلك - كما في نسخة الكافي والتهذيب - إن كان المشار إليه بذلك - الزائد من الدرهم - أي إذا كان أقل من الزائد عن الدرهم - فيكون مقدار الدرهم على هذا البيان معفوا عنه.
وأما إذا كان كلمة ذلك إشارة إلى الدرهم فيكون المعفو أقل من الدرهم وإن كان يؤيد الاحتمال الأول قوله عليه السلام: وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم ويؤيد الاحتمال الثاني ما عن الفقيه من قوله عليه السلام: فإن كان أقل من درهم بدل قوله: وما كان أقل من ذلك فيكون حكم العفو مختصا بأقل من الدرهم.
والحاصل أن هذه الرواية مع هذه الاحتمالات واختلاف النسخ لا يمكن الاستدلال بها فالعمل ح على طبق صحيحة ابن أبي يعفور مع أن عمل أكثر الأصحاب على طبقها.
ثم إنه لا فرق ظاهرا بين ما إذا كان الدم الأقل من الدرهم مجتمعا وبين ما إذا كان متفرقا وربما يقال: بأن المتفرق مثل النضح معفو عنه وإن كان أكثر من الدرهم.
واستدل له بصحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة حيث قال في ضمنها: قلت: فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلى، أيعيد صلاته قال: يغسله ولا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة حيث يظهر منها أن مقدار الدرهم إذا كان مجتمعا فلا بد له من إعادة الصلاة.
ولكن هذا بناء على أن يكون مقدار الدرهم اسما لكان ومجتمعا خبره أو يكون مجتمعا خبرا بعد خبر لكان أو يكون حالا لمقدار الدرهم وأما إذا كان حالا للدم المقدر كونه اسما لكان فيصير معناه ح إلا أن يكون ذلك الدم أي الدم المنقط أي المنتشر في الثوب بمقدار الدرهم حال كون الدم مجتمعا أي مقدرا اجتماعه بمقدار الدرهم فيكون المراد بالاجتماع