بخلاف ما إذا لم يدل الدليل على التوصلية فإنه بنفس اتيان نفس الفعل دون قصد امتثال أمر المولى لم يعلم تحقق غرضه بذلك.
فالاشتغال اليقيني بالتكليف يقتضي خروج المكلف على سبيل الجزم عن عهدة التكليف اليقيني وبهذا يجاب عن كل واجب تعبدي ولا يرد عليه اشكال أنه كيف يمكن أخذ قصد الأمر في متعلق الأمر مع أنه يأتي من قبل الأمر وهو مستلزم للدور لأنا نقول بلزوم أخذه لحكم العقل:
على ذلك لا لوجود الأمر المتعلق بالمأمور به.
ثم إن التيمم هل هو مبيح للصلاة وللغايات المشروطة بالطهارة أو هو رافع للحدث - وجهان بل قولان وجه القول الأول أن يقال: إن يبطل بمجرد إصابة الماء أو بمجرد زوال المانع اجماعا ومن المعلوم أن إصابة الماء لا تكون من الأحداث الموجبة للطهارة فيستفاد من هذا الحكم الاجماعي أن التيمم لم يكن رافعا للحدث وإلا لم يكن وجه في بطلانه بمجرد زوال العذر من غير موجب فإن الطهارة المائية إذا تحققت لا يرتفع أثرها إلا بالحدث والمفروض إن التيمم بدل من هذه الطهارة فليكن مثل الطهارة المائية.
والحاصل أنه لو قلنا: إن الحدث الأكبر أو الأصغر موجب لحصول القذارة الظاهرية لبدن المكلف نظير الوسخ - كما يمكن تأييد ذلك بقوله عليه السلام: تحت كل شعرة جنابة فإذا فرض زوال تلك القذارة بالتيمم فكيف يتصور عودها بإصابة الماء.
ولكن يمكن الجواب عن هذا الاشكال بأنه يحتمل أن يكون التيمم مما تحصل به الطهارة المعنوية وترتفع به القذارة المعنوية الحاصلة للنفس بسبب موجبها إلا أنه ليس لهذا الطهارة استقرار بل لها أمد ومدة تزول بانتهاء المدة ومدتها هو حال الاضطرار أو عدم وجدان الماء أو عدم التمكن من الوصول إليه فإذا انقضى حال الاضطرار انقضت مدتها.
وبعبارة أخرى هو طهارة اضطرارية فإذا ارتفع الاضطرار وجاء حال الاختيار فقد تبدل موضوع التيمم بموضوع الطهارة المائية نظير المسافر والحاضر حيث إن موضوع القصر هو المسافر وموضوع الاتمام هو الحاضر فتغيير حكم الصلاة بالنسبة إلى هذا الشخص إنما هو لأجل خروجه من موضوع حكم ودخوله في موضوع حكم آخر.
ومن هذا الجواب يظهر لك وجه القول الآخر من أن التيمم رافع للحدث وتحصل به الطهارة ويدل عليه ظواهر الأخبار مثل قوله عليه السلام: التراب أحد الطهورين وظاهر قوله