تعالى بعد ذكر التيمم: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم إلى غير ذلك من الأدلة فإنه يظهر من جميعها أن التراب بمنزلة الماء عند الضرورة لا أنه مبيح للدخول في الصلاة أو لسائر الغايات مع كون الجنب باقيا على جنابته والمحدث بالحدث الأصغر أو الأكبر باقيا على حدثه ولكن يستباح له الدخول في الصلاة وارتكاب الغايات المشروطة بالطهارة كالدخول في المساجد ومس كتابة القرآن فالأقوى إذا ما عليه المشهور من أنه رافع للحدث إلا أن رفعه ما دامي وموقت فما دامت الضرورة باقية فالحدث مرفوع بهذا التيمم فإذا زالت الضرورة يعود الحدث على حاله وتصير الطهارة المائية واجبة عليه بالبيان المتقدم.
وقد يقال: إن له عنوان واحد سواء وقع بدلا عن الوضوء أو بدلا عن الغسل لا أنه معنون بعنوان إذا وقع بدلا عن الوضوء وبعنوان آخر إذا وقع بدلا عن الغسل فهو نظير صلاة المسافر وصلاة الحاضر فكما أن صلاة المسافر تتحد عنوانا مع صلاة الحاضر إلا أن الحاضر يجب عليه ضم ركعتين أخريين إلى الأولتين فلذا إذا قصد المسافر سهوا أربع ركعات ثم تذكر بعد الاتيان بالركعتين صحت صلاته وكذا العكس فيستفاد من هذا الحكم أن صلاة المسافر وصلاة الحاضر عنوانها واحد وهو مطلق الصلاة ولكن يجب على الحاضر شئ زائد على ذلك العنوان - فكذلك التيمم يكون متحد العنوان سواء أكان بدلا عن الوضوء أم بدلا عن الغسل فهو نظير الوضوء إذا وقع رافعا للحدث سواء أكان سبب الحدث البول أم النوم فح إذا قصد بتيممه رافعيته للحدث الأصغر متقربا إلى الله تعالى فبان بعد التيمم أنه كان محدثا بالحدث الأكبر كان كافيا لأنه كان الواجب عليه التيمم بنية التقرب إليه تعالى وبدليته عن الوضوء أو الغسل لا تجعله فردين للتيمم.
كما أن الوضوء في المثال المتقدم إذا كان رافعا للحدث البولي هو بعينه الوضوء الذي يقع رافعا للحدث النومي أتى بالوضوء قاصدا لرفع الحدث فبان أن الحدث كان هو الحدث النومي لم يضر بوضوئه فهكذا الحال في التيمم لأن التيمم الذي هو بدل عن الغسل هو بعينه التيمم الذي هو بدل عن الوضوء فقد نوى البدلية عن الوضوء اشتباها فقد أتى بما هو وظيفته غاية الأمر أنه توهم أنه بدل عن الوضوء ولكن كان في الواقع بدلا عن الغسل وهذا نظير ما إذا اقتدى بإمام حاضر وتوهم أنه زيد فبان أنه عمر ولكن لم يكن قصد ايتمامه مقيدا بزيد فإنه تصح صلاته وليس التيمم من قبيل الأغسال المختلفة الواجبة على الانسان فإنها حقائق مختلفة فإذا