منها صحيحة صفوان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمأة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها أيشتري ويتوضأ أو يتيمم قال: لا بل يشتري قد أصابني مثل ذلك فاشتريت وتوضأت وما يشتري (يسرني) بذلك مال كثير (1) ولعل المراد بذيل الرواية. أن ما يشتري بإزاء هذا المال هو شئ كثير عند الله لأن ثوابه الجنة.
ومنها ما عن الصدوق مرسلا عن الرضا عليه السلام نحوه باختلاف يسير (2).
ومنها رواية الحسين بن أبي طلحة قال: سألت عبدا صالحا عن قول الله عز وجل:
أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ما حد ذلك قال: فإن لم تجدوا بشراء وبغير شراء قلت: إن وجد قدر وضوء بمأة ألف أو بألف وكم بلغ قال: ذلك على قدر جدته (3). أي قدر سعته يعني إذا كان متمكنا بأي مقدار وكم بلغ ذلك المقدار فلا بد من أن يشتري الماء ويتوضأ وإن زاد عن مأة ألف قال في مصباح الفقيه: يخصص بهذه الأخبار الخاصة عموم نفي الضرر والحرج انتهى.
أقول الظاهر أن هذا المورد لا يكون من موارد الضرر فإن الضرر المتوجه إلى المكلف من ناحية التكليف الشرعي كوجوب الزكاة والخمس والكفارات والانفاق على العيال وإن كان قيمة ما ينفقه غالية - لا يرفعه حديث لا ضرر فإن المتبادر من لا ضرر ولا ضرار في الاسلام التكليف الذي يجيئ منه الضرر على المكلف كما إذا كان الوضوء ضرريا وكالصوم الذي يتحقق من المرض ونحو ذلك لا أصل التكليف وإلا يلزم أن يرفع اللاضرر جل التكاليف الشرعية لاحتياج كثير منها إلى صرف المال لو أريد امتثالها.
والحاصل أن الضرر المتوجه إلى الانسان من ناحية الحكم الشرعي لا يعد من الضرر المرفوع بلا ضرر والمورد من هذا القبيل فإنه بعد ما وردت الروايات المعتبرة بوجوب شراء الماء وإن كان بأضعاف قيمته وعمل المشهور بها يصير وجوب الشراء حكما شرعيا فلا مجال لجريان قاعدة لا ضرر في هذا المورد فتأمل وسيأتي الكلام في نظيره.