قال: لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليك التخلف من أصحابك فتضل ويأكلك السبع (1).
قوله: فإني أخاف اشعار بأن المورد من موارد الخوف فلا بد من أنك تخاف أيضا لا أن خوفه عليه السلام يكون مسوغا لجواز تيمم داود.
ورواية يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال: لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع (2) وهذه الرواية وإن لم يكن فيها لفظ الخوف إلا أنه يستفاد منها إن المورد كان معرضا للص أو السبع وهذه الرواية تدل أيضا على أن الخوف على تلف المال من مسوغات التيمم لأنه ذكر فيها اللص والظاهر من لفظ اللص هو التعرض للمال وإن احتمل كون لفظ اللص أيضا لخوف تلف النفس حيث إن كثيرا من اللصوص كانوا يقتلون الناس بعد أخذ أموالهم أو يقتلونهم ثم يأخذون أموالهم إلا أن المتبادر من هذا اللفظ - حيث أطلق هو خوف تلف الأموال وإن أبيت فلا أقل من أن يكون الخوف على كليهما أي النفس والمال.
فما استشكله صاحب الحدائق بالنسبة إلى خوف تلف المال بأنه غير مستفاد من الأخبار فإن المستفاد منها هو الخوف على النفس بعد اعترافه بأن خوف تلف المال من مسوغات التيمم وأنه اجماعي في غير محله لأنه مستفاد من هذه الرواية الأخيرة كما عرفت فإن المتبادر منها أي من لفظ اللص فيها هو أخذ الأموال وإن كان يتعدى ويقتل النفوس.
ولا فرق في الخوف على النفس بين أن يكون على تلف النفس أو يكون على تلف العضو أو يخاف المرض أو اشتداده أو بطء برئه والدليل على جميع ذلك هو نفي الحرج أو الضرر بل يمكن أن يقال: إنه لا حاجة لجريان لا حرج ولا ضرر في هذه الموارد لشمول قوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (3) لكثير من هذه الموارد ولا فرق بين العلم بتلف النفس أو العضو أو تحقق المرض أو الشك في ذلك مع الخوف من عروض هذه الأشياء عند استعمال الماء فإن هذه الآية قد فسرت بمعرض الهلكة أي لا تلقوا أنفسكم فيما يكون معرضا للهلكة ومعرض الهلكة هو كل ما فيه خوف الهلكة مضافا إلى دلالة كثير من الأخبار على أن