بقرينة موثقة سماعة الدالة على أن الدم الأحمر إذا لم يثقب الكرسف وجب فيه الغسل حيث ورد في ذيلها (هذا إن كان دمها عبيطا).
وبه ترتفع المنافاة بينهما وتكون الأخبار الواردة في المقام بعد تقييد مطلقها بمقيدها وارجاع بعضها إلى بعض دالة على أن الدم الأحمر يدور أمره بين وجوب الأغسال الثلاثة معه كما إذا كان ثاقبا. وبين وجوب الغسل الواحد كما إذا لم يثقب، وأما الدم الأصفر فيفصل فيه بين الكثير العرفي والقليل العرفي بوجوب الغسل في الأول والوضوء في الثاني. هذا ولا يخفى أن هذه المناقشة كسابقتها وذلك لما ظهر مما ذكرناه من أن صحيحة معاوية بن عمار صريحة في أنه لا عبرة بحمرة الدم وصفرته وإنما المدار على ثقب الدم وعدمه وأن الدم الذي يجب معه الأغسال الثلاثة مع الثقب هو الدم الذي يجب فيه الغسل الواحد إذا لم يثقب سواء كان الدم أحمر أم أصفر، والدم الأصفر لو ثقب لم يكن عنده موجبا للغسل لأنه قليل عرفا فضلا عما إذا لم يثقب، على أن اطلاق الدم منصرف إلى الدم الأحمر ولا يمكن حمله على الأصفر فإنه جعل في بعض الأخبار في قبال الدم) إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة (1) ومعه كيف يحمل الدم في الصحيحة على الأصفر هذا كله.
مضافا إلى أنه لا موجب أصلا لتقييد الصحيحة بالموثقة إذا لا تنافي بينهما ولا تماس، وذلك لأن الموضوع في الموثقة على ما فسرناه إنما هو الدم الثاقب وأنه مع التجاوز تجب فيه الأغسال الثلاثة ومع عدم التجاوز يجب فيه غسل واحد، وأما الدم غير الثاقب فهو مما لم يتعرض له