(المناقشة الثالثة):
أن دلالة الصحيحة على عدم وجوب الغسل عند عدم ثقب الكرسف إنما هي بالاطلاق بعد قطع النظر عن المناقشتين المتقدمتين، نظرا إلى أنها في مقام البيان ومعه تعرضت لوجوب الوضوء على المستحاضة حينئذ ولم تتعرض لوجوب الغسل في حقها فمن سكوتها في مقام البيان يستكشف عدم وجوبه.
إلا أنه لا مانع من رفع اليد عن اطلاقها وتقييدها بموثقة سماعة الدالة على أنه مع عدم ثقب الدم يجب عليها الغسل مرة واحدة بناءا على ما قدمناه في تقريب دلالتها وأن قوله (ع) (وإن لم يجز الدم) معناه (أن الدم إذا لم يثقب).
وعليه يقال: إن مقتضى الصحيحة وإن كان وجوب الوضوء على المستحاضة مع عدم الثقب، إلا أن الموثقة تدل على أنه مع الوضوء يجب عليها الاغتسال وبضم إحداهما إلى الأخرى يستفاد أن وظيفة المستحاضة عند عدم ثقب الكرسف هو الغسل لواحد والوضوء لكل صلاة لأنها حينئذ محدثة بالحدث الأصغر وبالحدث الأكبر فيجب عليها الوضوء - والاغتسال - كما هو مسلكه (قده).
وهذه المناقشة لا بأس بها فيما إذا تم ما ذكره في تقريب استدلاله بالموثقة بأن يكون قوله (ع): (وإن لم يجز الدم الكرسف) مفهوما للجملة السابقة عليه، وأن يكون بمعنى عدم كون الدم ثاقبا فإنه لا مناص مما أفاده لاطلاق الصحيحة من حيث وجوب الغسل حينئذ