ثم توالت الشروح بعد هذه الشروح الأربعة إلى عصرنا هذا.
إن كتاب كشف المراد تبعا لمتنه يدور على محاور ثلاثة:
الأول: في الأمور العامة التي تطلق عليها الإلهيات بالمعنى الأعم، ويبحث فيه عن الوجود والعدم وأحكام الماهيات، والمواد الثلاث: الوجود والإمكان والامتناع، والقدم والحدوث، والعلة والمعلول، وغيرها من المسائل التي تبحث عن أحكام الوجود بما هو هو.
الثاني: في الجواهر والأعراض التي يطلق عليها الطبيعيات، ويبحث فيه عن الأجسام الفلكية والعنصرية والأعراض التسعة، على وجه التفصيل.
الثالث: في الإلهيات بالمعنى الأخص، ويبحث فيه عن الأصول الخمسة.
وبما أن المحور الأول هو المقصد الأهم للحكماء من المشائين والإشراقيين، وقد بحثوا عنه في الأمور العامة على وجه التفصيل والاستيعاب، حتى خصص صدر المتألهين ثلاثة أجزاء من كتابه " الأسفار " بمباحث هذا المحور - لأجل ذلك - استغنى الطلاب عن دراسة هذا المقصد من كتاب كشف المراد.
وبما أن العلوم الجديدة الباحثة عن الطبيعة وأحكامها قد قطعت أشواطا كبيرة، وأبطلت كثيرا من الفروض العلمية في الفلكيات والأكوان، فأصبح ما يبحث في الكتب الكلامية والفلسفية في هذا القسم تاريخا للعلم الطبيعي لا نفسه، ولأجل ذلك تركت دراسة المحور الثاني في الكتب الكلامية والفلسفية في أعصارنا.
فلم يبق إلا المحور الثالث الموسوم بالإلهيات بالمعنى الأخص الذي يبحث فيه عن ذاته سبحانه وصفاته وأفعاله، ولأجل ذلك عكف المحصلون على دراسة هذا المحور الذي يتضمن البحث عن إثبات الصانع وصفاته وأفعاله،