بعد صدوره من أحد الحاكمين لا مجال موضوعا لتصرف الآخر، ولو فرض تقاربهما (1) سقط كلا السببين عن التأثير، لمكان التزاحم في التأثير، وظاهر التوقيع كون الفقيه حجة من قبل الإمام (عليه السلام) في نفس الحادثة الواقعة، لا في مقدماتها، وظاهر المقبولة أيضا كذلك، حيث قال (عليه السلام) (فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله... الخ) (2) فما هو المنزل هو حكم الفقيه منزلة حكمه (عليه السلام) لا مقدماته.
وأما حجية نظر الفقيه إذا أدى إلى كون البيع ذا مصلحة فلا يمنع عن المزاحمة، لأن نظره حجة من باب الطريقية قطعا، ولذا لا ينفذ تصرفه واقعا لو لم يكن واقعا ذا مصلحة، ولا يجب ترتيب الأثر منه ولا من غيره إذا انكشف خطائه، مع أنه لا معنى للمزاحمة في مثل هذه المقدمة، لأن أداء نظر فقيه آخر إلى خلاف نظر الآخر قهري، وأما المانع ثبوتا من سائر الجهات كترتب الهتك والتوهين فهو أمر آخر ربما يكون وربما لا يكون.
وأما الثاني: وهو المقتضي في مقام الاثبات فتوضيح الحال فيه: أن المقتضي تارة هي الضرورة العقلية القاضية بلزوم التصرف، وأخرى هو الاجماع، وثالثة الأدلة اللفظية الدالة على ولاية الفقيه.
أما الأولى: فربما يتوهم اندفاع الضرورة بمباشرة أحد الفقيهين، فلا موجب لولاية الآخر.
وهو واضح الدفع، فإن الضرورة لا تندفع إلا بنفس البيع لا بالدخول في مقدماته، فالموجب باق، واقتضاء الضرورة لأصل ولاية الفقيه على التصرف متساوي النسبة إلى الفقيهين.
وأما نصب الحاكم للقيم على الصغير فلعله يتخيل أن الضرورة المستدعية لنصب القيم تندفع بمجرد نصب أحد الحاكمين للقيم، فلا موجب لتصرف الآخر لا بنصب القيم ولا بمباشرة التصرف، لأن الصغير له قيم بأمره.
ويندفع: بأن الضرورة الداعية إلى نصب القيم منبعثة عن الضرورة الباعثة على التصرفات الراجعة مصالحها إلى الصغير، فمع بقائها على حالها يكون الفقيه الآخر باقيا