وليست وظيفة الآحاد كالدفاع والجهاد والحدود والتعزيرات وتقبيل الأراضي الخراجية وجباية الأموال وصرفها في سد الثغور ومصالح المسلمين وأشباه ذلك، فهذه الأمور لا تصل النوبة فيها إلى آحاد المؤمنين، بل لا تصل النوبة فيها إلى الفقيه الذي لم يكن مبسوط اليد، وأخرى من الأمور التي يمكن قيام الآحاد بها كصلاة الميت وبيع مال اليتيم ونحوهما، فهذه لم يثبت اختصاصها بالإمام (عليه السلام) بما هو رئيس المسلمين حتى يقوم الفقيه مقامه كما عرفت الحال فيه مفصلا.
ومنه تبين جودة ما ذهب إليه المحقق الأردبيلي (قدس سره) (1) - على ما حكي عنه - من ولاية العدول في عرض ولاية الفقيه، فإنه فيما يتمكن منه الفقيه وله الولاية عليه فلعدول المؤمنين ذلك أيضا إلا بعض ما مر فراجع (2)، وسيأتي (3) إن شاء الله تعالى بعض ما يتعلق بالمقام.
- قوله (قدس سره): (ولقد أجاد فيما أفاد... الخ) (4).
لكنك قد عرفت ما في الاستدلال بالآية والرواية من حيث كون الشبهة مصداقية، وأما الوجه العقلي وهو فوات مصالح صرف تلك الأموال، فمبني على أن إيكال أمر صرفها إلى الإمام (عليه السلام) لمصلحة أخرى في تصديه (عليه السلام) له، ففوت هذه المصلحة لتعذر التصدي منه لا يسوغ تفويت مصالح صرفها، أو أن إيكال أمره إليه (عليه السلام) لمفسدة في تصدي الآحاد، لكونها من الأمور التي لا يقوم بها إلا الرئيس كالحدود والتعزيرات وأشباههما، فحينئذ يجب تعطيلها مع تعذر تصدي الرئيس، لا ارتكاب المفسدة بتفويض أمرها إلى الآحاد، إلا أن يفرض أن مفسدة التصدي أخف من مصلحة الفعل فتدبر، وقد مر فيما سبق حال ولاية