بجميع السياسات والأحكام، فلا يقاس بغيره ممن ليس كذلك، فالانصاف أن هذا الوجه أيضا غير تام في اثبات هذا المرام.
وأما المقام الثاني: وهو ما إذا شك في نيابة الفقيه فيما للإمام (عليه السلام).
فمجمل الكلام فيه: أن ما ثبت للإمام (عليه السلام) على قسمين: فتارة يكون واجبا عينيا عليه بحيث لو تعذر تصديه له لسقط من أصله - كالحدود والتعزيرات والجهاد - دون الدفاع، لما ورد من أن أمر إقامة الحد إلى إمام المسلمين، وأن لا جهاد إلا مع الإمام، وأخرى يكون واجبا كفائيا منوطا بإذن الإمام (عليه السلام) - بحيث لو تعذر الاستيذان منه سقط اعتبار إذنه ووجب على المسلمين القيام به كفاية - كصلاة الميت ونحوها.
كما أن الكلام تارة في حكم الفقيه في عمل نفسه، وأخرى في حكم غيره من المكلفين.
أما ما هو واجب عيني على الإمام (عليه السلام) من حيث رياسته الكبرى فقد عرفت أن أدلة النيابة لو تمت لوجب عينا على الفقيه، لفرض كونه نائبا عنه في كل ما له الولاية عليه، نعم إن وجب عليه من حيث شخصه أو من حيث عنوان إمامته بعنوانها الخاص فلا معنى للنيابة، وأما لو لم نقل بالنيابة فلا يجب على الفقيه عينا ولا كفائيا، أما الثاني فلفرض كونه واجبا عينيا، وأما الأول فلفرض عدم الدليل على النيابة، والأصل البراءة عنه، بل في مثل الحدود والتعزيرات لا يجوز، لأن الأصل الحرمة فيها، ولو شك في وجوبه الكفائي بعد تعذر من هو واجب عيني عليه باحتمال وجوبه عينا على الإمام (عليه السلام) مع تيسر الإقامة، ووجوبه كفاية على غيره مع عدمه فالأصل البراءة عنه.
وأما ما هو واجب كفائي على الكل منوطا بإذن الإمام (عليه السلام) فالفقيه له التصدي، لأنه إما نائب عنه (عليه السلام) أو كغيره ممن يجب عليه كفاية، ولا موجب لتعينه عليه.
وأما غير الفقيه فإن كان المورد تصرفا معامليا فالأصل عدم نفوذه إلا بإذن الفقيه، وقد عرفت ما في أصالة عدم الاشتراط سابقا (1)، وإن لم يكن التصرف معامليا، فتارة يتعلق بالأنفس والأموال فالأصل حرمة التصرف، فلا يجوز له إجراء حد أو تعزير مثلا أو تصرف خارجي في مال، وأخرى لا تعلق له بمال الغير أو نفس الغير كالصلاة على الميت أو دفنه