ومنه تعرف أنه لا حاجة إلى تقريب الحكومة، فإن الأمور العامة المهمة المرادة من الحوادث الواقعة أخص من المعروف، ولا يعقل أن يكون المعروف أخص منها، فنلتزم بتخصيص كل معروف بما إذا كان من الحوادث المهمة، إلا أنه لا يجدي إلا لمثل الأمور المهمة التي تختص بالرئيس من تنظيم البلاد وأشباهه، لا لمثل بيع مال الطفل الذي ربما يكون فيه غير الفقيه أقدم من الفقيه كالأب والجد أو الوصي، فكيف يمكن تخصيص بيع مال اليتيم بالفقيه بمثل التوقيع؟!
- قوله (قدس سره): (إلى أصالة عدم مشروعية... الخ) (1).
قد مر (2) ما يقتضيه الأصل عند الشك، وأنه على ما أفاده في كلي التصرفات المعاملية التي يشك في نفوذها مع عدم صدورها من الفقيه، وكذلك الأفعال المتعلقة بالأنفس والأموال، فإن مقتضى الأصل حرمة إيذاء الغير بقتل أو جرح، كما أن الأصل حرمة التصرف في مال الغير، نعم في مثل صلاة الميت التي يرجع الشك فيها إلى إناطة وجودها صحيحة بإذن الفقيه تجري البراءة بناء على القول بها في الأقل والأكثر.
- قوله (قدس سره): (وأما ما يشك في مشروعيته كالحدود... الخ) (3).
لا يخفى عليك وضوح الفرق بين مثل الحدود وسائر الأمثلة الواقعة بعده، فإن ولاية الإمام (عليه السلام) على الحدود من قبيل الولاية بالمعنى الثاني لورود النص بها بالخصوص، وليس الولاية على إقامة هذا الواجب من باب الولاية على الأنفس والأموال على خلاف أدلة الأحكام، بخلاف الولاية على تزويج الصغيرة وعلى اجراء المعاملة على مال الغائب لمجرد ايصال نفع إليه فإنها من باب الولاية المطلقة.
وعليه فولاية الفقيه على مثل الحدود لا تقاس بولايته على غيرها من الأمثلة، فثبت مشروعية إقامة الحدود بأدلة نيابة الفقيه، لثبوتها للإمام (عليه السلام) من حيث إنه والي المسلمين وسلطان المسلمين، بخلاف غيرها فإنها غير ثابتة للإمام (عليه السلام) بهذا العنوان، بل بعنوان الولاية المطلقة التي لا نيابة للفقيه فيها.