الإسلامية من كون التصدي لأمثال هذه الأمور من شؤون القاضي، فجعله قاضيا - كما ورد التعبير به في رواية أخرى (1) - يستلزم الولاية على هذه اللوازم.
نعم هذا المعنى أخص من الحاكم بالمعنى الأول، فإن الحاكم بالمعنى الأول مرجع جميع الأمور المهمة المرتبطة بحفظ البلاد والعباد وتدبير شؤونهم، بخلاف المعنى الثاني فإنه أجنبي عن جملة من تلك الأمور كما يظهر بالمراجعة إلى شؤون القضاة، فإنها لا تتجاوز دائرة الشرعيات ولا تعم السياسات.
ومنها: قوله (عليه السلام) (مجاري الأمور بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه) (2).
بتقريب: أن الأمور التي من شأنها الجريان عن نظر الإمام (عليه السلام) فهي مفوضة إلى العلماء، فيعم جميع الأمور المهمة المتعلقة بنظم البلاد وحفظ العباد، ورعاية شؤون القاصرين في أنفسهم وأموالهم.
وأورد عليه بأن الرواية منقولة في تحف العقول، وسياقها يدل على أنها في خصوص الأئمة (عليهم السلام)، والظاهر أنه كذلك، فإن المذكور فيها هم العلماء بالله لا العلماء بأحكام الله، ولعل المراد أنهم (عليهم السلام) بسبب وساطتهم للفيوضات التكوينية والتشريعية تكون مجاري الأمور كلها حقيقة بيدهم (عليهم السلام) لا جعلا، فهي دليل الولاية الباطنية لهم كولايته تعالى، لا الولاية الظاهرية التي هي من المناصب المجعولة.
ومنها: قوله (عليه السلام) في التوقيع الرفيع (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) (3) بتقريب: أن عموم الحوادث لكونها جمعا محلى باللام يقتضي أن يكون الفقيه مرجعا في كل حادثة يرجع فيها الرعية إلى رئيسهم، سواء تعلق بالسياسات أو بالشرعيات، دون خصوص الشبهات الحكمية والمسائل الشرعية بإرادة الفروع المتجددة من الحوادث الواقعة، واستشهد المنصف (قدس سره) للعموم بوجوه:
أحدها: أن الظاهر الرجوع في نفس تلك الحوادث إلى الفقيه لا في حكمها، فيرجع في