بخلاف الثاني فإن النصف المشاع ليس بمشاع بينهما.
ومنه ظهر حال إقرار المقر له، فإنه يقر بأن المال بينه وبين شريكه لا أن النصف المشاع منه بينهما، بل كل نصف منه مشاعا لأحدهما.
وظني أن منشأ الاشكال هنا توهم أن معنى الملك الاشتراكي كون المال بتمام أجزاءه بينهما، والمتحصل من مجموع أجزاءه يعبر عنه بالنصف المشاع لكل منهما، فنصف المال بنفسه بينهما وبقيد الإشاعة التي هي مساوقة لملاحظة الاختصاص لكل واحد منهما، فلذا يكون نصف المال المقر به بينهما.
وقد مر في ما تقدم (1) حقيقة الكسر المشاع، وأنه أمر واقعي بواقعية منشأ انتزاعه، وأنه لا تتوقف حقيقته على كونه مملوكا لأحد، وأن الملك يتعلق بنفس ذلك الكسر الواقعي.
ومنه تعرف أنه لا فرق بين الاقرار وغيره من التصرفات، وأن ما يكون بين الشريكين هي العين بأجزائها بذواتها، لا ذلك الأمر الواقعي الموجود بوجود منشأه المعبر عنه بنصف العين وربعها مثلا، وأن نصف العين ليس له إلا أحد الاعتبارين إما تعيينا أو إشاعة فتدبره جيدا.
ولا يخفى عليك أن عدم امكان قسمة المقر له مع ذي اليد فلا يكون كاشفا عن عدم اختصاص المقر له بالنصف المشاع الذي أقر له ذو اليد، بل القسمة لا بد من أن تكون برضا شريكه واقعا وهو باعتقاد المقر له غير ذي اليد، فلا يتمكن من القسمة معه لهذا الوجه لا لعدم اختصاص المقر به بالمقر له فتدبر.
وأما الثالث: فيتصور الصلح على وجوه ثلاثة:
أحدها: أن يقول " صالحتك على نصفي " فإن قلنا بأن الاقرار تصديق لما يدعيه المقر له، ولا يقتضي الاشتراك لا بنفسه ولا بحكم الشرع فلا اشكال في وقوع الصلح عنه بالخصوص.
وإن قلنا بأن الاقرار يقتضي اشتراك ذات المقر به بين المدعيين معا، فإضافة النصف إلى نفسه لا تقبل الانطباق على النصف المقر به، إذ ليس له وحدة ولا تقبل الانطباق على حصته من المقر به، إذ النصف لا ينطبق على نصف النصف، ولا تقبل الانطباق على