والجواب أولا: ما مر مرارا (1) أن العين وإن كانت بجميع أجزائها الخارجية بذاتها بين الشريكين، إلا أن معنى شركتهما فيها هو أن نصفها المشاع الموجود بوجود منشأ الانتزاع لأحدهما، ونصفها الآخر كذلك للآخر، وليس للعين بما هي غير نصفين على وجه الإشاعة، وليس بعنوان النصف المشاع بينهما، وإلا لكان لكل منهما ربع مشاع لا نصف مشاع، فالمقر به إنما يكون مشتركا بينهما إذا كان معينا، فإنه المشترك دون المشاع بما هو.
وثانيا: أن الاقرار الوارد على النصف المشاع كسائر التصرفات الواردة على النصف المشاع وكسائر الآثار المترتبة عليه، فإن كلا من المدعيين يدعي نصفا مشاعا يختص به، والاقرار تصديق لهذه الدعوى، فمقام الاقرار كمقام البيع يقتضي اختصاص النصف المشاع بالمقر به لتعلقه بما يدعيه، وهو النصف المشاع المختص به كتعلق البيع بالنصف المشاع المختص به.
وأما حديث رجوعه إلى الاقرار بعدم كونه ملكا لنفسه فمن حيث نفسه خلاف الفرض، ومن حيث حكمه مدفوع بأن الاختصاص بالمقر له ليس لأجل قاعدة إقرار العقلاء على أنفسهم، بل لأجل قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به، وحيث إنه ذو اليد يسمع جميع اقراراته في ما هو ملكه ظاهرا، ويكون المقر له بمنزلة ذي اليد فيحكم له وإن كان له مدع، وبينته بينة الخارج فراجع محله.
وأما الثاني: فربما يقال إن الاقرار وإن تعلق بخصوص ما يدعيه المقر له، ولفظ النصف الواقع في ذيل الاقرار - وإن كان ظاهرا في خصوص حصة المقر له - إلا أن الشارع حكم على أن المتحصل من المال المشترك مشترك بين أربابه، فإن العين كلها مغصوبة من الكل، فإذا زال المانع عن بعضها فقد زال المانع عن بعض ما يشترك فيه الكل، فكما أن ظلم الغاصب محسوب على الكل كذا ما يتحصل باقراره محسوب للكل.
بل ربما يقال: إن اعتراف المقر له بأن المال مشترك بينه وبين أخيه مثلا هو المقتضي لعدم نفوذ تصرفه في مجموعه إلا بإذنه وإجازته.
والجواب: بالفرق بين زوال المانع عن النصف المعين من العين وزوال المانع عن النصف المشاع للمقر له، والأول يقتضي ما ذكروه، لأن ما زال المانع عنه مشترك بينهما،