ثم إن الوجوه المحتملة في النصف الذي يستحقه الزوج ثلاثة:
أحدها: النصف من الباقي والتالف، وهو الذي حكاه (قدس سره) في المتن احتمالا.
الثاني: النصف المنطبق على الباقي، وهو الذي استفاده (قدس سره) من فتوى الجماعة باستحقاق النصف الموجود.
الثالث: النصف بنحو الكلي في المعين، بحيث يتعين بالمقدار الباقي، ويناسبه تعليلهم ببقاء مقدار حقه لا ببقاء حقه، فإن النصف الباقي لو كان متعينا بنفسه لكان الباقي حقه لا مقدار حقه.
كما يحتمل أن يكون هذا التعليل ملائما للقول بالنصف المشاع بين الحصتين، نظرا إلى أن الربع التالف لما كان مساويا للربع الباقي فلذا قالوا بتعين النصف الباقي، وعللوه ببقاء مقدار حقه لا ببقاء نفس حقه.
وعلى الثاني يكون ما ذكروه هناك منافيا لما ذكروه هنا، إلا أنه أنسب بالكلي في المعين لتعينه في الباقي قهرا، بخلاف ما إذا كان مبنى القول باستحقاق المشاع بين الحصتين ذلك، فإنه لا يوجب تعينه في الباقي، إذ للزوجة اختيار قيمة الربع التالف.
والتحقيق: - بعد ما مر مرارا (1) أن النصف المشاع لا ظهور له إلا في الإشاعة في نفس العين، لا في المشاع بين الحصتين - هو أن العين لها نصفان على الإشاعة، وبالطلاق يكون أحد النصفين للزوج والآخر للزوجة، فكما يمكن إضافة التالف إلى الزوجة وإضافة الباقي إلى الزوج فكذا العكس، فينتقل إلى بدله كما في صورة تلف الكل، ومجرد بقاء النصف لا يوجب تعينه للزوج، وليس هنا ظهور مقامي أو كلامي يوجب التعين في الباقي، بل ظاهر الآية حيث قال عز من قائل * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم، إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح) * (2) أن المراد فنصف ما فرضتم لهن، بشهادة الاستثناء وهو العفو عن النصف للزوجة، وحينئذ فهذا النصف المذكور في الآية إذا كان منطبقا على الموجود كان حصة المرأة منطبقة عليه، والنصف الآخر بالملازمة يعود إلى الزوج.