فهي بعينها موجودة في طرف المقر أيضا، فليس الزائد بيده للمقر له إلا السدس، وإن لم تكن موجبة لاحتساب السدس الزائد على سدسه له، فالسدسان الزائدان للمقر والمقر له كالسدسين الزائدين في يد المقر، فإنه للمقر له والمنكر، فيكون المقر والمقر له متساوي النسبة إلى السدسين الزائدين اللذين هما تحت يد المنكر، وكذا المقر له والمنكر متساوي النسبة إلى السدسين الزائدين اللذين هما تحت يد المقر، ونتيجته أن السدس مما بيد المقر للمقر له، والسدس مما بيد المنكر للمقر له، لا النصف مما بيد المقر ونصف السدس مما بيد المنكر للمقر له.
ومما يشهد بأن المقر له لا يستحق من المقر إلا ثلث ما بيده أنه لو كان منكرا لم يكن غاصبا واقعا إلا لسدس واحد كشريكه المنكر، وإلا فما الفارق بين منكر ومنكر، ومن الواضح أن تبدل الانكار بالاقرار لا يوجب زيادة استحقاق للمقر له، بل ذلك السدس الذي كان غاصبا على فرض انكاره يجب عليه ظاهرا دفعه على تقدير اقراره، وهذا الوجه مختار جملة من المحققين ممن عاصرناهم، كما هو ظاهر شيخنا الأستاذ في تعليقته الأنيقة (1) على الكتاب، وسيجئ (2) إن شاء الله تعالى ما يتعلق بالمقام.
ثالثها: ما كان يخطر بالبال من دفع نصف السدس مما في يد المقر ومطالبة نصف السدس مما في يد المنكر، بتقريب: أن الاقرار إنما ينفذ فيما للمقر ظاهرا وهو الذي يصدقه شريكه فيه، وهو نصف العين المتحصل من ربع الدار التي له اليد على نصفها وربع الدار التي لشريكه اليد على نصفها، والاقرار بالثلث من مجموع ماله ومال شريكه يكون إقرارا بالسدس في ماله، ومن المعلوم أن نصف ماله تحت يده وهو ربع الدار، ونصف ماله تحت يد شريكه وهو ربع الدار، ومن الواضح أن نفوذ الاقرار فيما له - بلحاظ الثلث من مجموع ماله ومال شريكه - مقتضاه السدس من ماله، وهذا مقتضى كونه مأخوذا باقراره.
وما ذكرناه سابقا مقتضى اعتقاده لا إقراره، بحيث لو فرض كونه كاذبا في إقراره لم يكن مأخوذا إلا بما ذكرنا، كما أنه لو فرض اعتقاده ولم يكن له إقرار كان الحكم ما ذكرنا سابقا، فما هو من مقتضيات الاقرار - بما هو إقرار لا بما هو كاشف عن اعتقاده - ما ذكرناه