بخلاف الثانية فإنها متمحضة في الاشتراك.
- قوله (قدس سره): (إلا أن ظهور المقيد وارد على ظهور المطلق... الخ) (1).
ربما يوجه - كما في كلام غير واحد من المحشين (2) - بأنه من باب تقديم ظهور المتعلق على ظهور الفعل، ولعله لأجل استقرار الظهور على تمامية الكلام، فالمتعلق بمنزلة القرينة الصارفة للظهور الذاتي، وإلا لم تتوقف فعلية الظهور على تمامية الكلام.
ولذا يورد (3) عليه (قدس سره) بمنافاته لما أفاده (قدس سره) في باب الاستصحاب بالتصرف في عموم اليقين بملاحظة اختصاص النقض بقوله (عليه السلام) (لا تنقض) بما له مقتضي البقاء، فإنه تقديم لظهور الفعل على ظهور المتعلق.
والظاهر كما هو المصرح به في العبارة أن بابه باب تقديم المقيد على المطلق، لا باب الفعل والمتعلق، ومنه تعرف اندفاع النقض عن مثل (لا تنقض) فإنه بمادته يوجب تقيد المتعلق لا باطلاقه.
وأما تقديم خصوص اطلاق النصف على اطلاق الانشاء فالوجه فيه - ما قدمناه سابقا (4) - من أن الاطلاق تارة يوسع وأخرى يضيق، واطلاق الانشاء ينفي كونه للغير، واطلاق النصف يثبت الإضافة إلى الغير، فبابهما باب المقيد بالإضافة إلى المطلق، والمطلق يحمل على المقيد، ويقدم الثاني عليه، سواء كان الظهور في التقييد بالوضع أو بمقدمات الحكمة.
ويمكن أن يقال: إن لإطلاق الانشاء مدلولا مطابقيا ومدلولا التزاميا، وكذا لاطلاق النصف، وليس بين مدلوليهما المطابقيين تناف، كما أن بين مدلوليهما الالتزاميين تناف بنحو التضاد، لا بنحو النفي والاثبات، وأما التنافي بالنفي والاثبات فبين المدلول الالتزامي لكل منهما مع المدلول المطابقي للآخر، وكما يمكن تقريب كون اطلاق الانشاء نافيا واطلاق النصف مثبتا، فكذا يمكن تقريب كون اطلاق النصف نافيا واطلاق الانشاء مثبتا.