ثانيها: أيضا من حيث إسناده إلى نفسه، لكن البيع حيث إنه التمليك وهو يتمشى حقيقة من الولي والوكيل من دون لزوم أخذ الولاية والوكالة بنحو الحيثية التقييدية، بل هما حيثية تعليلية للتمليك الحقيقي، فالولي والوكيل المستقل في العمل بايعان ومملكان حقيقة، وإيجاد الملكية قائم بهما، وإن كانت نفس الملكية قائمة بغيرهما من المولى عليه والموكل.
بخلاف الفضول فإن المجيز بإجازته يكون بايعا ومملكا، وليس من الفضول إلا إنشاء التمليك، فظاهر إسناد التمليك الحقيقي إلى نفسه عدم كونه فضوليا فقط، مع ملائمة الاسناد المزبور للولاية والوكالة، ففي الفرض يقتضي صحة البيع في حصة نفسه.
ثالثها: أن التمليك ليس إلا التسبب إلى الملكية، وهذا شأن الموجب، وقد مر (1) مرارا أن هذا المعنى ممكن الحصول في الفضول أيضا إذا كان بانيا على مراجعة المالك، وإلا فمع عدمه لا تجديه الإجازة أيضا، إلا أن اتخاذ الملك تارة يكون لنفسه وأخرى لغيره، والأول كأنه ليس بقيد عرفا.
وعليه فمقتضى إطلاق الكلام وعدم كونه للغير سواء كان مولى عليه أو موكلا أو مالكا حقيقيا كونه لنفسه، ولعله منشأ عدم سماع دعوى كونه وكيلا أو فضولا، وإلا فالوجهان الأولان غير تامين كما عرفت وجهه.
إذا عرفت ما ذكرناه من الأمور المتقدمة فاعلم:
إن كان للنصف ظهور في نفس المشاع لا في المشاع بين الحصتين، فظهور مقام التصرف أو ظهور الانشاء بأحد الوجوه الصحيحة لا منافي له، بل يكون معينا للمشاع في حصة نفسه، وبه تندفع شبهة التخصيص من غير مخصص، وإن كان للنصف ظهور في المشاع بين الحصتين - كما هو مبنى كلام المصنف (قدس سره) في صدر العبارة - فيختلف الحال من حيث كون المنافي ظهور المقام أو ظهور الكلام.
فإن كان الأول فلا ريب في تقديمه على ظهور النصف في المشاع بين الحصتين، لأنه ظهور إطلاقي دون ظهور مقام التصرف، فلا ينعقد ظهور للاطلاق مع وجود ما يصلح للتقيد.