لو فرضنا شخصا مرتعش اليد فاقد القدرة، فإذا ربط رجل بيده المرتعشة سيفا قاطعا وهو يعلم أن السيف المشدود في يده سيقع على آخر ويهلكه، فإذا وقع السيف وقتل، ينسب القتل إلى من ربط يده بالسيف دون صاحب اليد الذي كان مسلوب القدرة في حفظ يده.
ولو فرضنا أن رجلا أعطى سيفا لمن يملك حركة يده وتنفيذ إرادته فقتل هو به رجلا، فالأمر على العكس، فالقتل ينسب إلى المباشر دون من أعطى.
ولكن لو فرضنا شخصا مشلول اليد (لا مرتعشها) غير قادر على الحركة إلا بإيصال رجل آخر التيار الكهربائي إليه ليبعث في عضلاته قوى ونشاطا بحيث يكون رأس السلك الكهربائي بيد الرجل بحيث لو رفع يده في آن انقطعت القوة عن جسم هذا الشخص في الحال وأصبح عاجزا. فلو أوصل الرجل تلك القوة إلى جسم هذا الشخص فذهب باختياره وقتل إنسانا والرجل يعلم بما فعله، ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى كل منهما، أما إلى المباشر فلأنه قد فعل باختياره وإعمال قدرته، وأما إلى الموصل فلأنه أقدره وأعطاه التمكن حتى في حال الفعل والاشتغال بالقتل، وكان متمكنا من قطع القوة عنه في كل آن شاء وأراد.
فالجبري يمثل فعل العبد بالنسبة إلى الله تعالى كالمثال الأول، حيث أن اليد المرتعشة فاقدة للاختيار ومضطرة إلى الاهلاك.
كما أن التفويضي يمثل نسبة فعله إليه كالمثال الثاني، فهو يصور أن العبد يحتاج إلى إفاضة القدرة والحياة منه سبحانه حدوثا لا بقاء والعلة الأولى كافية في بقاء القدرة فيه إلى نهاية المطاف، كما أنه كان الأمر في المثال كذلك فكان الإنسان محتاجا إلى رجل آخر في أخذ السيف، وبعد الحصول عليه انقطعت حاجته إلى المعطي.
والقائل بالأمر بين الأمرين يصور النسبة كالمثال الثالث، فالإنسان في كل حال يحتاج إلى إفاضة القوة والحياة منه إليه بحيث لو قطع لفيض في آن