يكون تحصيلا للحاصل، بل المعرفة الإجمالية الباعثة على التفصيلية منها.
الثاني: إن أبا لهب أمر بأن يؤمن دائما وهو ممتنع لأنه تعالى أخبر بأنه لا يؤمن. والإيمان تصديق الرسول فيما علم مجيئه به، ومما جاء به أنه لا يؤمن. فيكون هو في حال لزوم إيمانه على الاستمرار مأمورا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن، ويصدق بأنه لا يصدق. وإيمانه المشتمل على ما ذكر محال لاستلزامه الجمع بين التصديق والتكذيب. فإذا كان المكلف به محالا، لم يكن للتكليف به فائدة (2).
يلاحظ عليه: إن الإيمان هو التصديق الإجمالي بأن ما جاء به النبي حق. وهذا كاف في عد الإنسان مؤمنا. ولا يشترط في تحقق الإيمان التصديق التفصيلي بكل واحد مما جاء به النبي. وعلى ضوء هذا كان أبو لهب مأمورا بالتصديق الإجمالي وهو توحيده سبحانه والاعتقاد بأن رسالة ابن أخيه من الله سبحانه. وهذا أمر ممكن لكل أحد وقد كان في وسعه أيضا ولكنه لم يؤمن به وأما التصديق التفصيلي بكل ما جاء في القرآن ومنه أن أبا لهب لا يؤمن بتاتا وأن النار مثواه فلم يكن مما يجب الإيمان به حتى يلزم منه التناقض.
إلى هنا تم إيراد جملة من تشكيكات الأشاعرة الواردة في مجال الأفعال الاختيارية ولا حاجة إلى الاسهاب أزيد من هذا وفيما ذكرناه غنى وكفاية لمن أراد الحق وابتغاه.
نعم استدلت الأشاعرة بالآيات المصرحة بأن الهداية والإضلال والختم من جانبه سبحانه وسنعقد له فصلا خاصا عند البحث عن مذهب الحق. وهو الأمر بين الأمرين.
* * *