وأما من قال بأن هناك عبادا صالحين تقبل شفاعتهم عند الله في إطار خاص وشرائط معينة في الشفيع والمشفوع له بإذن منه سبحانه، فهو لا ينافي اختصاص حق الشفاعة بالله سبحانه. كيف وقد ورد النص بشفاعة طائفة عند الله بإذنه قال سبحانه: * (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) * (1).
وبذلك يظهر حال المغفرة. فإن المغفرة وحط الذنوب والتكفير عن السيئات حقه سبحانه. ومن زعم أن غيره سبحانه يملك أمر الذنوب ويغفرها ويكفر عنها فهو مشرك في مجال التوحيد الأفعالي. وقد صرح سبحانه في الذكر الحكيم باختصاصها به قال عز وجل: * (ألا إن الله هو الغفور الرحيم) * (2) وقال سبحانه: * (فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله) * (3). فالموحد في هذا المجال لا يرى مثيلا لله سبحانه في أمر المغفرة. وأما الأنبياء والأولياء فلهم حق الاستغفار للمذنبين، كما أن للمذنبين الرجوع إليهم والطلب منهم أن يستغفروا لهم قال سبحانه: * (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) * (4). وقال سبحانه حاكيا عن أبناء يعقوب: * (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) * (5). ومع ذلك كله فالمغفرة بيد الله سبحانه.
هذا تمام الكلام في التوحيد بأقسامه ولنشرع في سائر صفاته الجلالية.
* * *