بالنعم وأضافها عليه، فالتعرف عليه من خلال البحث إجابة لهتاف العقل ودعوته إلى شكر المنعم المتفرع على معرفته.
هذه الوجوه الثلاثة (دور الدين في الحياة، دفع الضرر المحتمل، ولزوم شكر المنعم عقلا) التي ألمعنا إليها بالإجمال تحفز الإنسان إلى البحث عن معرفة الله والاهتمام بها أكثر من اهتمامه بما هو دخيل على حياته المادية، وإنما يعرض من يعرض عن هذه المسائل لعلل روحية غير خافية على الباحث، إذ لا شك إن معرفة الله، والاعتقاد به لا ينفك عن الالتزام بقيود وحدود في الحياة ورعاية الأصول الأخلاقية والاجتماعية، والقيام بالوظائف الفردية، وكل ذلك ينافي الحرية المطلقة والإباحية التي يتوخاها الماديون والمنسلكون في عدادهم. فإنكار الدين والمبدأ ليس إنكارا لنفسه بل للفرار مما يترتب عليه من الضمانات والالتزامات، والقيود والحدود.
وهي تخالف هوى الإنسان الإباحي الذي لا يرى أصلا في الحياة إلا اللذة.
* * * إلى هنا انتهت المقدمات التي أردنا إيرادها لبيان مفهوم الدين وجذوره في الفطرة الإنسانية ودوره في حياة الإنسان ووجوب معرفة الله تبارك وتعالى.
ويقع الكلام بعدها في أدلة وجود الخالق المبدع لهذا الوجود.