وخالقين بأمره وهذا ما يعبر عنه في مصطلح المتكلمين بالثنوية سواء أكان الشريك واحدا أو أكثر فهذه اللفظة رمز لمن يرفض التوحيد في الخالقية من غير فرق بين أن يعتقد باثنين أو بأكثر ولأجل ذلك يدخل تحت هذا العنوان كثير من الفرق التي لا تعتقد بانحصار الخالقية في الله سبحانه منها:
1 - المفوضة: وهم الذين يعتقدون بتفويض أفعال البشر إلى أنفسهم، فهم مستقلون في خلق الأفعال وإيجادها ولا صلة لها بخالق البشر. وقد رميت المعتزلة من المسلمين بهذه العقيدة، وهؤلاء لأجل التحفظ عن عدله سبحانه وقسطه بين عباده التجأوا إليها زاعمين أن القول بعدم صلة أفعال البشر بخالقهم ينفعهم في القول بالعدل، ويكون البشر نفسه مسؤولا عن فعله وعمله. غير أن النسبة لو تحققت يكون هذا العمل كالفرار من المطر إلى تحت الميزاب فإنهم وإن توفقوا في مجال توصيف الرب بالعدل، غير أنهم رسبوا في مجال التوحيد فجعلوا الإنسان خالقا في مقابل خالقه العظيم، فما قيمة توصيفه بالعدل إذا كان مستلزما للانسلاك في عداد المشركين؟
ولأجل ذلك ذهبت الأشاعرة إلى أن أفعال الإنسان أفعال لله سبحانه مباشرة وبلا سبب كما ذهبت الإمامية من العدلية إلى أن أفعاله فعل لله سبحانه وفي الوقت نفسه فعل للبشر والنسبة إليهما مختلفة فأحد الفاعلين خالق بالتسبيب والآخر خالق بالمباشرة على النحو الذي وقفت على بيانه.
2 - الزرادشتية: وهم القائلون بأن في عالم الكون أمورا توصف بالخير والبركة كما أن هناك أمورا توصف بالشرور والبلايا فلا يصح إسناد كلا الصنفين من الأفعال إلى الخالق الحكيم فيجب الاعتقاد بأن خالق الخير غير خالق الشر. وقد اخترعوا عقيدة خيالية وهي: إن الخير موجود يدعى ب " يزدان " كما إن خالق الشر موجود يدعى ب " أهريمن " وكلا الخالقين مخلوق لله سبحانه. وبهذه الفرضية الخيالية، تمكنوا من إقناع أنفسهم بحل مشكلة الشرور والبلايا في صفحة الوجود.