ذاته بشئ غيرها) ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزاه، ومن جزاه فقد جهله " (1).
وفي هذا الكلام تصريح بعينية الصفات للذات، وفيه إشارة إلى برهان الوحدة، وهو أن القول باتحاد صفاته مع ذاته يوجب تنزيهه تعالى عن التركيب والتجزئة ونفي الحاجة عن ساحته. ولكن إذا قلنا بالتعدد والغيرية فذلك يستلزم التركيب ويتولد منه التثنية. والتركيب آية الحاجة، والله الغني المطلق لا يحتاج إلى من سواه.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): " لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة ذاته ولا مقدور " (2).
والإمام (عليه السلام) يشير إلى قسم خاص من علمه سبحانه وراء عينية صفاته وذاته - وهو وجود علمه بلا معلوم وسمعه بلا مسموع. وما هذا إلا لأجل أن ذاته من الكمال والجمال إلى حد لا يشذ عن حيطة وجوده أي شئ، وتشريح هذا القسم من العلم يطلب من الكتب الفلسفية.
وهناك روايات أخرى عن العترة الطاهرة يقف عليها من خاض أحاديثهم، وقد جمعها الشيخ الصدوق في كتاب (التوحيد)، والعلامة المجلسي في (كتاب البحار) وكل ذلك يدل على أن الأمة أخذت التوحيد في هذه المجالات عن باب علم النبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأن المعتزلة أخذوا ما قالوا به من التوحيد من ذلك المصدر، كيف وهم عيال عليه في تلك المباحث كلها (3).