ولذا تصدى لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي، ونفى أن يكون ذلك مذهب السلف " (1).
إن لابن الجوزي كلاما مبسوطا في نقد هذه النظرية وقد هاجم أحد الحنابلة المروجين لها أعني القاضي أبا يعلى الفقيه الحنبلي المشهور المتوفى سنة 457 ه. حيث قال: " لقد شأن أبو يعلى الحنابلة شيئا لا يغسله ماء البحار ". ولأجل ذلك استتر هذا المذهب حتى أعلنه ابن تيمية بجرأة خاصة له.
ثم إن أبا زهرة المعاصر انتقل إلى ما ذكرناه في نقد تلك النظرية وقال:
" ولنا أن ننظر نظرة أخرى وهي من الناحية اللغوية. لقد قال سبحانه:
* (يد الله فوق أيديهم) *. وقال: * (كل شئ هالك إلا وجهه) *. أهذه العبارات يفهم منها تلك المعاني الحسية؟ أم أنها تفهم منها أمور أخرى تليق بذات الله تعالى؟ فيصح أن تفسر اليد بالقوة (كناية أو استعارة عنها) ويصح أن يفسر الوجه، بالذات.
ويصح أن يفسر النزول إلى السماء الدنيا بمعنى قرب حسابه، وقربه سبحانه وتعالى من العباد. وإن اللغة تتسع لهذه التفسيرات، والألفاظ تقبل هذه المعاني. وهو أولى بلا شك من تفسيرها بمعانيها الظاهرة الحرفية، والجهل بكيفياتها. كقولهم: " إن لله يدا ولكن لا نعرفها "، " ولله نزولا لكن ليس كنزولنا " الخ.. فإن هذه إحالات على مجهولات، لا نفهم مؤداها، ولا غاياتها. بينما لو فسرناها بمعان تقبلها اللغة وليست غريبة عنها لوصلنا إلى أمور قريبة فيها تنزيه وليس فيها تجهيل " (2).
ثم إن للغزالي كلاما متينا في نقد هذه النظرية نأتي بخلاصته. يقول: