3 - الزلازل وإن كانت تسبب بعض الخسائر الجزئية أو الكلية في الأموال والنفوس، إلا أنها توصف بالخير إذا وقفنا على أن علتها على بعض الفروض جاذبية القمر التي تجذب قشرة الأرض نحو نفسها، فيرتفع قاع البحر ويوجب ذلك الزلازل في مناطق مختلفة من اليابسة فإن هذا في نفس الوقت يوجب أن تصعد مياه البحار والأنهار فتفيض على الأراضي المحيطة بها وتسقي المزارع والسهول فتجدد فيها الحياة وتجود بخير العطاء.
ويترتب على الزلازل آثار نافعة أخرى يقف عليها الإنسان المتفحص في تلك المجالات، فهل يبقى مجال مع ملاحظة هذين الأمرين للقضاء العاجل بأن تلك الحوادث شرور وبلايا لا يترتب عليها أي فائدة.
إن علم الإنسان المحدود هو الذي يدفعه إلى أن يقضي في الحوادث بتلك الأقضية الشاذة، ولو وقف على علمه الضئيل ونسبة علمه إلى ما لا يعلمه لرجع القهقرى قائلا: * (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك) * (1).
ولأذعن بقوله تعالى: * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * (2). وقوله سبحانه: * (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) * (3).
ولهذا السبب نجد أن العلماء الموضوعيين الذين لم تبهرهم منجزات العلوم ولم يغرهم ما حصل لهم من التقدم، يعترفون بقصور العلم البشري ويحذرون من التسرع في القضاء والحكم على الأشياء. كيف وهذا العالم الانكليزي الأستاذ (وليم كروكش) مكتشف إشعاع المادة، والمخترع لكثير من أدوات التجارب الكيميائية قال: " من بين جميع الصفات التي عاونتني في مباحثي النفسية، وذللت لي طرق اكتشافاتي الطبيعية، وكانت تلك الاكتشافات أحيانا غير منتظرة، هو اعتقادي الراسخ بجهلي " (4). إلى غير